1. منذ صفحاتها الأولى تشي رواية الثلج الحار باجوائها العامة وافاق حكاياتها ومناخها المسيطر ..؛ فهذه الرواية التي كتبها الروائي الروسي المعروف في روسيا وبقية العالم ؛ وتعرفت عليه منذ فترة قريبة ا1 لم يكن ضمن عالمي البذي عج بأسماء الكتاب الروس على مدى مراهقتي و سنوات تكويني الأولى حتى اكتشفت لاحقا بعد تجاوز الثلاثين الضفة الأخرى لعالم الرواية ضفة الولايات المتحدة في سنوات بدايات القرن العشرين وحتى ستيناته ؛ امتد ولعي بالادباء الروس على امتداد قاىمة طويلة منهم منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى العام 1948 م مع رواية ( والفولاذ سقيناه ) الحائزة على جاىزة ستالين للآداب ؛ لكن يوري بونداريف ينتمي زمنيا الى فترة لاحقة فلقد كتب منذ بدايات الخمسينات ؛ وعموما فان الفولاذ سقيناه صورت أجواء شبابية ضاحكة مناضلة مقاتلة من اجل الوطن مليئة بروح التفاؤل والا مل وهكذا فعلت رواية الثلج الحار ليوري بونداريف أيضا.
2. كتب يوري بونداريف روايته هذه في العام 1969م ؛ أي بعد نهايات الاحداث الحقيقية التي شارك هو شخصيا فيها بستة وعشرين عاما كاملة ؛ لكنه كتب ذكرياته عن الحرب في القطاع الجنوبي الغربي لستالينغراد التي تدعى اليوم فولوغراد نسبة الى نهرها الحامي المتجمد الذي يذوب صيفا تحت جنازير الدبابات فيوقعها في كارثة نهر الفولغا؛ كتبها يوري بذكرياته بشبابه الذي قضاه هناك على الجبهة رفقة رفاق لم ينسهم وخلدهم عبر رواياته و قصصه وحكاياته
3. ملخص الرواية ان الجيش الذي يقود الجنرال بيسونوف وهو شخصية رئيسية في الرواية جاء الى قرية قوزاقية ( القوزاق سكان ذوي طبيعة ريفية خاصة من فئات سكان روسيا ) ليمنعوا الالمان من التقدم باتجاه ستالينغراد ؛ واستقرت بطارية المدفعية هناك وجرت اغلب الاحداث الساحنة هناك ماعد احداث البداية أي ماقبل الصفحة 152 من الرواية ؛ حيث اختار الروائي ان يدخلنا الى قلب المعارك والحرب من ابعد طريق عنها..؛ طريق الحب والانثى ... ام انها أيضا حرب؟!
4. قادنا يوري بونداريف بسلاسة عبر ماىة واثنين وخمسين صفحة الى قلب الحرب ؛ وذلك عبر جكاية أولى افتتح بها روايته هي حكاية الممرضة زويا التي جاءت فجاءة لتفتش البطارية صحيا وتلاحق الملازم دزدروفسكي امر البطارية فيشتعل من جراء ظهورها الصراع بين كل افراد البطارية بحسب تسلسل الرتب ؛ وان تركز في شخصيتين امر البطارية درزدوفسكي نفسه وامر فصيل مدفعي هو ملازم اخر جديد حديث التخرج يدعى كوزنيتسوف هو البطل الرئيس للرواية؛ لتظهر حول هذا الصراع ؛ صراعات الرؤية والفهم بين الشخصيتين امر البطارية ومن يعمل تحته امر الفصيلة المدفعية ؛ ثم ليتحول الصراع لاحقا بين كل الفصيل وبين امر البطارية : لكن مع ملاحظة امر مهم جدا .. ان كل حكاية زويا لم يكن لها أي تأثير على مسار احداث الحرب الذي سيتوحش بجاذبية تحولاته المتلاحقة منذ الصفحة ماىة واثنين وخمسين حنى نهاية الرواية .
5. المسار الذي مثلثه زويا في الرواية لا علاقة تربطه بكل الرواية الا انه وظف جيدا لخدمة كل الرواية ؛ زويا الممرضة حكاية فرعية استخدمها يوري بونداريف للتشويق وليقود القارئ من يده عند اول عتبة الرواية فيدخله عالم الحرب القاسي بهدوء شديد... دون فزع ثم يسلمه لتقلبات الحرب وانقلابات احوالها فلايستطيع القارئ فكاكا من قبضة يوري المتقنة الصنع ..؛ كما انها استحدمت لدفع صراعات جانبية في لحظات السلم والهدوء ؛ جعلت قراءة الرواتية امر ممتعا لا ملل فيه...!
6. المسار الاخر هو مسار بيسونوف قاىد الجيش فلقد استخدمه يوري لاعطاء صورة بانورامية واسعة عن الحرب في القرية وامتدادها شمالا بعيدا عن نقطة تمركز الملازم كوزنيتيسوف وأيضا استخدمها لعملين تقينين داخل تكوين وتركيب الرواية فلقد رسم في الصفحة السابعة والثلاثين من الرواية تمهيدا عاما للأجواء التي سيعيش ضمنها البطل كوزنيتسوف عبر توقعات الجنرال بيسونوف لمصيره وربطه بعاطفة الجنرال نحو ابنه المفقود منذ ستة اشهر ؛ وأيضا أعاد يوري بونداريف استخدام الجنرال في نهاية الرواية حيث هو من البس كوزنيتسوف وسام النجمة الحمراء في تأكيد لمهمة تمجيد وتكريم ابطال الرواية ؛ لتنطلق حفلة غسيل الاوسمة بالفودكا التي أقامها الجنود احتفالا بالنصر ؛ جنود ورفاق كوزنيتسوف الذين صورت الرواية على امتداد صفحاتها طريقة حياتهم البسيطة اثناء لحظات دفاعهم الشرس عن وطنهم ... فمجدتهم عبر بساطتهم.