Dec 03, 2024 Last Updated 3:26 PM, Nov 28, 2024
الكاتبة/ انتصار بوراوي الكاتبة/ انتصار بوراوي

عندما صدرت أغنية " أه ياليل " للمطربة شيرين عبد الوهاب في عام 2002م نجحت نجاح ساحق واكتسحت سوق الغناء العربي ،بشكل جامح وكانت أغنيتها التي صورتها بطريقة الفيديو كليب مختلفة عن المتبع في عالم الفيديو كليب العربي القائم على اختيار مغنيات فائقات الجمال يتلوين ويستجدين الحب.

 وفي ألبومها الأول "جرح ثاني “، قلبت شيرين الطاولة وكسرت الموجود على الساحة الغنائية فالبنت الصغيرة الضئيلة الحجم ، والسمراء ذات الملامح الغير جميلة استطاعت أن تشد انتباه الجميع بأغنيتها الثائرة المتمردة وبثورتها العارمة على الحب وإعلانها تمردها عليه بوصف الحبيب بأشد الصفات قسوة حين بدأت أول كوبليه من كلمات اغنيتها:

غلطت مرة وقلت على الرخيص غالى 

جرحت قلبي وجرح القلوب الغالي 

في الأغنية تعلن المطربة قطيعتها ،مع تجربتها البكر القاسية مع الزوج الذي خذلها وجسد الفيديو كليب القدرة التعبيرية ،الهائلة لشيرين و القوة من المشاعر التي عبرت عنها، وهي تغنى جالسة على كرسي وسط فراغ معتم مخذولة فلاتتمالك دموعها وهى تغنى أغنيتها، الممتلئة بالمشاعر الخصبة والروح العاطفية الجياشة وتتقمص تجسيد الحكاية او لعلها تروى قصتها الشخصية الخاصة فتجذب المشاهد وتجعله يتعاطف معها.  

تلك كانت انطلاقة شيرين الأولى التي من خلالها ،عرفها الناس منذ قرابة عشرين عام كفتاة رقيقة خصبة العواطف، أجادت التعبير عن عواطفها الخصبة الجياشة بصوتها العذب الدافئ الذي يلمس أوتار الروح 

 وجلب نجاح الاغنية عشق المخذولات اللواتي ،وجدن في أغنيتها تعبير عن أنفسهن ونجحت الفتاة السمراء، الخالية من الجمال بأن تجعل الجمهور لا ينظر إلى شكلها بل يدخل إلى أعماقها وروحها التي عرتها، بكل ثورة وجموح وتمرد وتعددت واختلفت بعد ذلك أغاني شيرين من حيث المواضيع فعبرت عن كل حالات الحب من التمرد والسخط عليه إلى الغرق والاندماج فيه، إلى درجة الذوبان الكلى لشخصيتها أمام الحبيب ،وهنا يكمن سر شيرين ونجاحها على مر السنوات حيث برعت في قدرتها على التجدد والتحول من أغنية لأخرى ،ولكن ظلت تلك المشاعر الدافقة في كل حالات أغانيها ودرجة الإحساس العالي ، هو ما يميز طريقتها في الغناء عن باقي المطربات المصريات ، ولذلك أحبها الجمهور وخاصة جمهورها من النساء اللواتي وجدن في أغنياتها تعبير عن كل حالاتهن العاطفية مع الرجل 

أغاني شيرين للحب ،لم تكن أبدا بحثا عن الحب العادي، بل هي أغاني دافقة بالمشاعر تجسد الحب الدافق الجياش وهو معبر عن تكوينها وشخصيتها التي لا تتخيل حياتها بدون حب كبير، سعت إليه في كل زيجاتها ولكنها أبدا لم تجده لأن كل من اقترن بها كان يريد الارتباط بالدجاجة التي تبيض ذهب ، فشيرين مطربة مشهورة ولها وزنها واسمها في سوق الغناء العربي وتجنى ملايين الدولارات ،من حفلاتها في كل دول العالم بالإضافة إلى نجاح كل ألبوم يصدر لها بشكل منقطع النظير ، ولكن شيرين رغم الأموال والشهرة والنجاح والسفر والعيش في أكبر القصور ، والتنقل بين أغلى وأفخم الفنادق في أجمل عواصم العالم كانت تشعر بعدم قيمة كل ذلك بدون الحب ولهذا كانت عندما تفشل في زواجها ،تبحث عن حب وزواج أخر تنسى به خذلانها ، السابق فطبيعة تكوين و تركيبة شيرين العاطفية لم يكن همها البحث عن المال فقط وإلا فقد كان يمكن لها ،أن تتزوج من أحد المليونيرات من رجال الأعمال وتترك تعب الغناء والحفلات وتهنأ بملايين الزوج دون أن تهتم بخياناته أو تمرغه بين أحضان النساء كما تفعل كل النساء الماديات وخصوصا الفنانات التي يرغب في الزواج منهن أغلب رجال الأعمال العرب من مليونيرات البترودولار.

لكن مع الفنانة شيرين كان الأمر مختلف، فلم تكن الحياة بجانب رجل مليونير لا يهتم بعاطفتها وروحها تعنى لها شيئا ،لأنها كانت تبحث عن الحب الحقيقي في قلوب الرجال الذين تزوجتهم ولكنها لم تجده أبدا ، كانت تريد من الرجل الذى ترتبط به أن يحب شيرين المرأة الانسانة العفوية الصريحة ، الدافقة بالمشاعر الجياشة ولكن كل رجل تظاهر بحبها وتزوجها لم يكن يأبه بروحها، وإنما كل ما كان يهمه هو شيرين المطربة الناجحة المليونيرة الغنية والدجاجة التي تبيض ذهبا ، وهذا ما رفضته شيرين في كل زيجاتها ولهذا كان، مصير زيجاتها الفشل والطلاق بشكل دراماتيكي وفى كل حالة طلاق كانت شيرين تخرج في الإعلام لتعبر عن حزنها وبكاؤها نتيجة ما تكابده من انتهاء العلاقة الزوجية التي أعطتها الكثير من قلبها وروحها 

في هذه المرة لم تخرج شيرين تبكى أمام العالم ، بل قامت بمعاقبة نفسها بحلق شعرها ،تعبيرا على ندمها من الاقتران من رجل اعتقدت بأنه يحبها ، ثم كشفت المكالمات التلفونية المسربة لوالده بأنه يخطط لسرقة أموالها فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، وبالرغم من محاولتها في الأشهر السابقة حين تسرب الفيديو التغطية على ما حدث ونفت الكلام وحاولت الادعاء ،بأنها تصدق زوجها وتكذب والده إلا أن الأيام ،أثبتت عكس ذلك وكان لابد أن تنفجر الحقيقة أمام الجميع ويحدث الطلاق ، والظهور بهذا الشكل الغريب ،الذى تخلت فيه عن شعرها لتقول للعالم بأنها كانت تحب زوج كان مثل مرض سرطان، وكى تتخلص منه يجب أن تبتره من حياتها وتحلق شعرها كى تتعالج وتتعافى من تغلغل سرطان حبه بجسدها 

كثير من النساء تعاطفن مع شيرين ، وخصوصا النساء العاطفيات اللواتي وقعن ضحايا مثل هذه العلاقات الزوجية المسمومة، التي تدمر كينونتهن وتحولهن إلى ضحايا مع حبيب أو زوج ،يستغل عاطفتهن الشديدة التي حباها الله بهن للإذلال وليس لمبادلة الحب الجارف باحترام وتقدير وحب كما يرسمن في أحلامهن

 شيرين رغم كل نجاحها الفني، وعشق الجمهور لصوتها وأغانيها لم تستطع أن تخرج من روح الفتاة ابنة الحارة ذات التفكير البسيط التي ترى الرجل بصورة آله معبود ولاتراه شريك فكرى وروحي وصديق قبل كل شيء، لذلك هي دائما تصنع من كل زوج تتزوجه آله من تمر، تسقط عليه أحلامها ورغباتها ثم بعد أن تكتشف أنه بشر مثل كل البشر لديه أخطاؤه وأطماعه وخساسته ونذالته تقوم بأكله كما كان يفعل كفار قريش مع ألهتهم التي يصنعونها من التمر. 

حلاقة شيرين لشعر رأسها ، هو تعبير أيضا عن عقابها لذاتها، الذات العاطفية الممتلئة بشهوة الرغبات والحب الخصب، والتي أذلتها في علاقتها مع أزواجها لهذا هي صرحت بأن حلق رأسها ، هو تعبير عن قوتها ،ولكنها لا تدرك بأن ما تفعله هو حيلة دفاعية كي لا تنهار أو تمضى نحو الانتحار، كما فعلت المطربة الفرنسية داليدا التي انتحرت نتيجة خيباتها في الحب وموت من تحبهم ، حلق الشعر هو محاولة إنكار لأنوثتها وضعفها فى الحب لأنه بداخلها تتصارع الأنثى العاشقة التي تذوب لدرجة الانسحاق في الحب والأنثى القوية التي ترفض أن تذلها أنوثتها وتستعبدها تحت أقدام رجل لا يقدر ولايحترم ما تهبه له ولايبادلها نفس قوة مشاعر حبها.

لن تتخلص شيرين من حالة الهوس، والبحث عن الحب الكبير إلا عندما تصل للوعى والمعرفة بأن الرجل ليس آله خارق، بل هو بشر وانسان مثلها مثله لديه عيوبه ونقاط ضعف فعليها أن لا تقدسه ، وتسبغ عليه عواطفها الجارفة التي ترتفع به إلى أعلى درجات الحب ،ثم تنزل به إلى أسفل السافلين بفعل عواطف الكراهية بل عليها أن تبحث عن رجل متزن بعقل راجح يتفهم كل ثورات خصب أنوثتها فيحتويها في علاقة زواج صادقة ومتكافئة ومتبادلة الروح والعقل والقلب رغم صعوبة العثور عليه بالوسط الفني الذى يعج بالطامعين والباحثين عن الأموال والشهرة والعلاقات الكاذبة البعيدة عن جوهر الأنسان وروحه الحقيقية

 

انتصار بوراوي

البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
 

أكثر قراءة

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more