يقول دكتورنا العزيز محمد المحجوب في كتابه النظرية العلمية بنيتها وسبل اختبارها وهو كتاب مميز جدا كعادة دكتورنا وجهده وجودة عمله وسبقه إلى كثير من القضايا العلمية الجادة و ذات الأثر العالمي، يقول انه يجب توجيه الاتهام نحو التقنية وليس نحو العلم للفصل بين نتاجات العلم العنفية ونتاجاته السلمية وسأفكر مع دكتوري كما عودني دائما كباحث يشرف هو على اشغالي واتلقى تعليماته بكل رضا ومحاولة تتبع الأثر للاجادة.
فأقول التقنية هي في نفس الوقت موضع اتهام متكرر و هي من جهة أخرى الموضع الرئيس للتدليل السهل على فاعلية وتأثير العلم بل ربما تكون هي أيضا موضع الإثارة والاهتمام والتشويق أكثر من النشاط العلمي الجاف بطبيعته وعمليته وتعقده.
ومع ازدياد تطور وتقدم الفروع المعرفية وحجم الانجازات المتراكمة فيها غدا من الصعب على الرأي العام متابعة الأبحاث العلمية الجارية لأنها تحتاج إلى كفاءة ومهارة غاية في التخصص الدقيق ولم يعد يظهر في الإعلام منها سوى نجاحات عملية جاهزة للتسويق أي تقنيات جاهزة مكتملة الإنجاز تخفى طريقة عملها الداخلي عن الجمهور و قد لاتهمهم كثيرا فتسارع السوق يمنع التفكير في هكذا تفاصيل ولكن مع ذلك كثرة وتضخم فروع هذه التقنيات وتداخلها في أغلب مناح حياة الانسان، يجعل تجاهلها أمرا مستبعدا فهي تفرض حضورها يوميا علينا ونحن نعيش في مجتمع متخلف علميا فمابالك بالمجتمعات المتقدمة علميا وأصبحت التقنيات هي موضع الدعاية والجذب وأيضا موضع الاحتجاج المؤكد بفائدة وفاعلية وتأثير العلم ،فحتى لو لم ننجح في تبرير عمليات العلم الداخلية أثناء التقصي النظري، وتبين أن كثيرا منها قائم على القفز فوق فراغ الاستقراء المتجدد أو فوق تجويزات عملية جاءت بها التجربة دون تفسير وتبرير ؛ أو إن اساس نظريات الرياضيات إذا اخضعت للبحث تبين كونها مبنية على تناقضات مؤسسة من تحت وتأليفات مزاجية من أعلى(غودل 39م) ، حتى لو قبلنا هذا واعتبرناه فأن العلم بتقنياته يقف دليلا راجحا متجاوزا اي شك واي ريبة حتى في مجتمعاتنا المتخلفة تقنياته اساسية ومقبولة عمليا وشائعة و معتمد عليها، مع جهلنا لكيف تم إنتاجها وجهلنا التام للعقلية التي انتجتها وشروط البحث العلمي والتزامات ومتطلبات التقنية ، أضف الى ذلك أن تقنيات العلم توغلت في حياتنا كثيرا حتى بدت تجري كثير من مناسباتها عبر منتجات التقنيات المختلفة من المؤتمرات على السوشيال ميديا إلى قمم سياسية عالمية على الزووم إلى محاضرات جامعية على اليوتيوب الى والى حتى قضاء وقت التسلية والفراغ يجري اليوم في حيز تقنيات العلم تناقل المعارف والعلوم من جهة اخرى التقنيات كان من بينها صناعات السلاح النووي المدمر والطائرات والصواريخ وحرب الفضاء؛.وحرب الفيروسات المصنعة اخيرا؛ وهذا الوجه المتهم للتقنيات عندما نجمع معا الوجهين سنجدهما يتمفصلان في نوازع سلوك البشر والجماعات الكبرى بالذات
اذ أن أمر توجيه موارد البحث (المال ) هو مفتاح الفهم هنا
وهو قرار متوقف على: اولا الرأي العام للمجتمعات الديمقراطية وتاثيرات قبول الجمهور لما يخصص للعلم والتقنية وأين توجه بالذات ؛وهنا ايضا يظهر رقم ٢ ، تأثير الكونغرس مان والسياسيين بشكل عام ؛ وايضا رقم ٣ تأثير المجتمع العلمي المحدود في توجيه موارد الصرف على البحث و في التقنية..؛وأهم عنصر رقم ٤ هو رأس المال المتوحش الذي يوجه كل همه لتحويل منتجات العلم وتقنياته فورا إلى أرباح متراكمة ويجتهد لتشغيل السياسيين ومجتمع العلماء في هذا الاتجاه وهو في نفس الوقت العامل الرئيسي في حيوية وتكاثر منتجات التقنيات ولو انسحب لانحسر وتقلص سوق تقنيات العلم وبقيت فقط بعض مجالات الدعم الحكومي المحدود،
فمابالك ولم يعد ممكنا تقليصه بل ازدياد معدل تكاثره يوميا بسبب تجدد اليه الربح ذاتيا،
النتيجة المؤقتة:
أن المتهم هو سلوك البشر وأن المرتاب فيه اولا
رأس المال أولا والحكومات واتجاهات الرأي العام ثم بعد.ذلك مجتمع العلماء في حدود ضيقة جدا ؛وأن العلم والتقنية في النهاية نتاج قرارات بشر
اتمنى من دكتوري قبول مداخلتي ومراجعتها لافادتي وقد سبقت افضاله علي كثيرا..