تبدو الهجرة للإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، حلما يراود كل شاب ليبي وكل أسرة ذاق بها الحال، فقد شهدت بريطانيا بعد ثورة فبراير الليبية، تصاعدا كبيرا لحركة الهجرة لأغلب الشباب الليبيين، حيث كان الطموح الذي دفع بالشباب للهجرة هو الحصول على حياة أفضل، ولكن هم لا يعرفون أن لهذا الطموح عواقب وخيمة في كثير من الأحيان.
وعلى الرغم من اختلاف الطموح الذي تنوع ما بين تحسين ظروف المعيشة، أو الزواج من بريطانية والعيش مثلها، أو الدراسة، أو حتى الاختيار طوعا العيش في بريطانيا رغم الظروف المعيشية الحسنة له في ليبيا، إلا أنها في النهاية هي مجردة مغامرة يخوضها الكثير، والقدر فقط هو المسئول عن النهاية التي سيكون عليها هذا الطموح.
ولكل مهاجر ومقيم حكاية بعضهم احتفظ بها، وآخرون قرروا سردها عبر فضاء صحيفة الليبي اليوم الإلكترونية، وكان مستهل حديثنا مع السيدة "س.م" التي قالت عن وضعها في بريطانيا وسبب هجرتها:
لقد مررنا بظروف قاسية
لقد أتينا منذ عدة سنوات فقط لبريطانيا بسبب دراسة زوجي على نفقة الدولة الليبية، ولكن بعد حرب طرابلس قررنا الإقامة بها، ولكن توقفت علينا المنحة ولا نستطيع العيش هنا وأجرة البيت مرتفعة جدا، لهذا قررنا التقديم على اللجوء السياسي حتى نستطيع العيش الكريم فأنا أم لأربع أطفال، لكن السلطات البريطانية رفضت طلبنا في المرة الأولى، وبعد محاولة ثانية تم الموافقة على الطلب مراعاة للأطفال، لأنهم يراعون مشاعر ونفسية الأطفال قبل كل شيء.
وتضيف السيدة "س" عن معاناتها قائلة: عشنا أياما صعبة امتدت لأكثر من أربعة أشهر كنا خلالها لا نملك مال ولا أكل، فقط نعتاش على ما تقدمه الجمعيات خيرية من الأكل المجاني، لقد مررنا بظروف قاسية جدًا، ولكن بفضل الله قدموا لنا بعد ذلك ومصروف أسبوعي للأطفال، أما الدراسة والعلاج فهما يقدمان مجانا هنا، وتحصلنا على إقامة لمدة خمس سنوات فقط، ربما ستكون الأوضاع في ليبيا قد استقرت ونرجع إلى وطننا الغالي.
أتمنى أن تعود ليبيا بأمنها وأمانها
فيما تقول السيدة ثريا حياتها عن في بريطانيا: الحياة في بريطانيا ليست هينة كما يعتقد البعض فأنا أعمل في دار لرعاية المسنين، وزوجي يحرس محل طول الوقت، وأبني يعمل في مطعم مسلم باكستاني بأجر زهيد، لم نستطيع العيش بالشكل اللائق، خاصة في أزمة الفيروس كورونا، توقفت كل الأعمال وتوقفت الأموال، لم نجد حتى لقمة العيش، ضاقت بنا الحال وطلب منا صاحب البيت الايجار ونحن لا نملك ما نأكله، فكيف نسدد أجار البيت، طلبنا من الحكومة البريطانية مسكن، تأخر تلبية الطلب، ولكن أعطونا شقه رديئة جدا وتحتاج لصيانة، وبفضل الله وبفضل أهل الخير الليبيين الذين مدوا يد العون لنا استطعنا تأثيث البيت، على الرغم أننا نحمل الجنسية البريطانية، لم يكن لدي أية ميزة لها، وتضيف السيدة ثريا بحسرة تعصرها: أتمنى أن تعود ليبيا بأمنها وأمانها ونستطيع الرجوع ونعيش عيشة كريمة في وطننا.
المشكلة في الغربة لا تجدين مكانا تذهبين
السيدة هند قالت عن سبب هجرتها وعيشها في بريطانيا: لقد أتينا إلى بريطانيا من أجل دورة تدريبية لزوجي لمدة سنتين على نفقة الدولة الليبية، بعد سنتين اكتشفنا بأن طفلي يعاني من التوحد، وتوقفت المنحة علينا بسبب ظروف ليبيا المتغيرة، وما تعانيه من نقص سيولة والأوضاع الأمنية في البلاد، لهذا قدمنا على لجوء إنساني كي أعتنى بــابني المريض، واتحصل على العناية اللازمة له، فرغم الصعوبة في بداية الأمر والروتين البريطاني في التحقق من كل الإجراءات اللازمة، إلا أنه وبعد ثلاثة أشهر تمكنا من الحصول على سكن مناسب ومنحة للأطفال، ودراستهم وعلاج أبنى، والحمد لله الآن أصبحت أمورنا جيدة، وتابعت هند: المشكلة في الغربة لا تجدين مكانا تذهبين إليه كما في ليبيا، وقت الإجراءات وتأخرها تمنيت أن أرجع إلى وطني وبيتي.
لم أتوقع ما رأيته من دمار واستغلال وسرقة
ويقول السيد فرج: أنا أتيت لبريطانيا قبل تولي القذافي السلطة، لم أعش في ليبيا خلال فترة النظام السابق كنت متتبع لجميع الأحداث في ليبيا، وبالرغم من معاناتي في بداية حياتي في بريطانيا ولكن الحمد لله رزقني بزوجة انجليزية مسلمه طيبة الخلق من عائلة مسلمة عانت وتحملت معي وعشنا مع بعض على الحلوة والمرة، ولدي ثلاث أولاد وبنت، ابنتي تزوجت من ليبي وأبنى أيضا تزوج من ليبية والحمد لله، بعد ثورة فبراير سافرت إلى ليبيا، لم أتوقع ما رأيته من دمار واستغلال وسرقة، ولكن أملنا في الله الذي يغير ولا يتغير.
من جانبه يقول السيد محمد: بريطانيا تستقبل الكثير من المواطنين ليس الليبيين أو العرب فقط بل من الباكستان والرومان والهنود ومن بولندا والافارقة والكثير من الدول، هذا الكم الهائل يحتاجون سكن، ومصروف، وعلاج ودراسة مجانية، إنها دولة أرحم وأعدل من دول إسلاميه كثيرة، فلم نذق فيها مذلة أو تقصير فهي دولة عظيمة تحترم الإنسانية وتشفق على الحيوانات فما بالك بالإنسان، لهذا هربنا من دول المسلمين المملوءة بالغش والخيانة والسرقة في وضح النهار، وقتل وخطف الأطفال والنساء، كم أتمنى أن يعيش الليبيين خاصة والعرب والمسلمين عامة حياة كريما كما نعيش هنا في بريطانيا.
بريطانيا لم تعد للإنجليز
أما الشابة هنيدة قالت: جئنا قبل ثورة فبراير، وتلقينا الترحيب والعناية من حكومة بريطانيا، من سكن صحى ورعاية طبيعة وتعليم، أتذكر كم كان أبي يعاني الكثير من المشاكل في ليبيا، ولكن الآن الحمد لله حياتنا أفضل، ربما هناك تقصير لبعض العائلات الليبية، في الفترة الأخيرة وهذا بسبب الإعداد الهائلة التي تستقبلها بريطانيا من طالبي اللجوء من جميع دول الوطن العربي بالذات، لدرجة عندما تتجول في شوارع بريطانيا نادر ما ترى وجوه الانجليز، لدي أصدقاء انجليز يقولون أن بريطانيا لم تعد للإنجليز، قالت لي صديقه انجليزية أغلب أفراد عائلتي يعيشون خارج المدن حيث يعيش الانجليز فقط في تلك المزارع والمدن، لأنه لديهم طقوس معينة.
ثم واصلت هنيدة حديثها: أتمنى أن تكون بلادي ليبيا كما بريطانيا وتوفر السكن للجميع والجميع يعيش في خيراتها خاصة أن ليبيا أغنى من بريطانيا وبها نفط وغاز.
والتقينا بالشاب سفيان الذي قال: أنا طالب مقيم منذ خمسة سنوات فقط، ولكن يؤسفني أن أرى بعض الليبيين الذين يطالبون الحكومة البريطانية بالمساعدة، ولم تتم مساعدتهم إلا بعد الكثير من التعب والمشقة والانتظار، أتمنى أن أكون في بلادي وأحفظ كرامتي حتى وإن كنت أنتظر قصر منهم للعيش فيه، الأوضاع أصبحت متعبة جدا للجميع سواء لجوء سياسي أو إنساني أو أي نوع إلا إذا كان لديك مال كافي للعيش في بريطانيا وعلى نفقتك الخاصة، أتمنى أن تنتهي الحرب وترزق ليبيا بحاكم عادل كي يستمتع كل الليبيين بحياة سعيدة.