Sep 16, 2024 Last Updated 8:43 AM, Sep 9, 2024

إبن تاجوراء ذو الكلمة مميز

الكلمة ! ما المرءُ سوى كلمة ، وما الرجُل بلا كلمة ، و ما اللّه إلا صاحبُ الكلمة. فالكلمة من فرّقت النبيّ عن البغيّ ، ومن لا تُكسر له كلمة حق للعظيم، و إن قابلها سيف المنون، كان رمزَ فخر له تُجلى المعاني دون خوف . ولا أستجدي مُلهمًا به أستهل قلمي بقامات القانون غير ( د.عُمران مفتاح الشكشوكي ) الرجل الأصيل ذو الكلمة. فالعمران هو البنيان و ماكان عُمراننا إلا بُنيان قوة يعمر بالروح فلا يُنسى بالأيام. ولد الدكتور عُمران إبّان مايعرف بعام الفرقاطة أوج الحرب العالمية الثانية في تاجوراء الساحلية بالإقليم الطرابلسي ، تميز منذ صغره بالكفاح، فقد كان سبّاحاً يقطع الأميال بحرًا، و لا ننسى ماهو بأهم، كونَه شغوفاً بالعلم عاشقاً للمعرفة، فقد حارب الظّروف التي كانت تطغى حينها متمسّكًا بالأمل في سبيل حُلمه، و إن كان السبيل حالِكاً مابين العتمة و القُتوم.

ومن تلك المحطّات صُنع قدر جديد لإبن تاجوراء الآبية حينما تخرج الشاب عُمران من " الجامعة الليبية - بنغازي " حاصدًا التفوق بين زملائه و أصدقائه بتقدير معلميه حتى تمت مراسلته طالبين أن يغدوا معيدًا بكلية الحقوق آنذاك . لكن الإختيار عنده بدايةً كان للعمل التطبيقي فعمل بسلك القضاء و النيابة عدة سنوات قبل سفره لإستكمال الدراسة بفرنسا ذات الحكاية؛ فمنذ أن خطّت رحالُه بمحطات تلك الأرض الفرنجية لعب الذكاء الحادّ له و الحِنكة دورًا بمسيرته، فنال الماجستير من جامعة اكس انبروفانس، تليه دكتوراة الدولة بمناقشة عميقة تخللها الإبداع بالسرد التمعن بالتفاصيل، من جامعة نيس العريقة، في زمن أكثر من قياسي رغم ما واجهه من أزمات صحية.

وعقب الحديث نستدل على كونه غير مجامل بالحق دون تردد، ذو كلمة ومبدأ إن تيَقّن صوابَه ، فيُذكر له تحدِّيه ذات مرة لإحدى قامات القانون الفرنسيين حينما وقع الأخير بالخطأ بذكره أحدى المصطلحات، لِيَهمّ عمراننا بتصويبه له تصويباً موافقاً لمُعجم المصطلحات القانونية الفرنسية، فما من تحدٍ دخله إلا و خرج حاملًا النّصر بيديه. و بالعودة المنشودة للوطن الحبيب ارتقى بسُلّم القانون دون كَلَل، ليجمع الجانبين التطبيقي و الأكاديمي ، فـشُهد له الكفاءة و الحسم و النزاهة و لا ننسى كلمته التي لا تُكسر و إن كانت بوجه الساسة و الوزراء، حازمًا مناصرًا للحق دون وهلة تترك للنفس براح التراجع، رغم التهديدات و العروض بالإغراءات، فمن عرفه يشهد تاريخه الحافل بالتحديات خاصةً رفضه لتدنيس اسمه و عمله ذا القُدسية و الإجلال. • و بعيدًا عن صلب ذاك فقد كان عضواً بعدة مؤتمرات محلية و دولية، غير كونه مُحَكِماً و قاضٍ للنزاعات ، متقلدًا عدة مناصب لعل أهمها : - رئيس محكمة استئناف طرابلس . - رئيس نيابة طرابلس . - وكيل إدارة التفتيش القضائي . - قاضٍ عن ليبيا في المحكمة الإدارية لمنظمة الوحدة الافريقية . - رئيس لجنة توحيد القوانين مابين دولَتَي ليبيا و السودان . - عضو لجنة الإشراف العليا بقضية لو تي أي ، لوكربي التي تحتمت وقوف كل وطني وقتها. - أما الجانب الأكاديمي له الذي حرص فيه أشد الحرص على صقل جيل جديد، فقد كان أستاذ القانون الخاص بكل من ( معهد القضاء ، و جامعتي مدينة طرابلس ، جامعة ترهونة ، الزاوية ، النجيلة ، المرقب، و أخيرًا أستاذ مادة التنفيذ الجبري لكلية ضباط الشرطة ) .

و بختام الحديث نُعقب أنه ما من من السهل اللقاء برجل من رجال القضاء مثله، لعب دورًا هامًا ذات يوم، مُختارًا على الدوام العمل بعيدًا عن الأضواء لخدمة الوطن وإصلاحه، ترك الأثر في نفوس طلبته، رفع اسم تاجوراء واهلها، وكان خير الرفيق للرفاق رفاقه. د.عُمران الشكشوكي عاش مستقلًا و مات مستقلًا، ذا فكر واحد لا ينصاع، ملك بطبع وشيّم ، نقش مواقفه في دهاليز الوطن، إنسان يستصعب نسيانه، خاصةً بأوج ما تعاصره بلادنا من تفكك و خيبات عقبت الإستقلال حتى يومنا الحالي، جاعلًا من محطات حياته قصة عزم لعلها تثبت مكنون استحالة وجود كلمة مستحيل، و بتوقف سويعات أيامه بآخر محطة بوطنه الذي أبى يومًا البعد عنه، وافته المنيّة صباح يوم الجمعة بتاريخ 25 من أغسطس لعام 2017م ، رحمه الله و أسكنه فسيح جنات الخُلد

 

اشترك في نشرتنا الإخبارية

ليصلك كل جديد من أخبار ومقالات وأخر القضايا الساخنة ... ضع بريدك الإلكتروني هنا

أكثر قراءة

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more