كنت اتجول على جهتين ؛ جهة الحياة والطرق الواقعية في بنغازي وجهة القراءات والكتب فوقع بين يدي... ؛ وهذا التعبير في حد ذاته موضوع لتعليق نقدي طويل اخر في مكان اخر اذ كيف يقع بين يدي ما كان واقعا من الأساس ؟! او كيف اجد ما سبق وان وجدت واشتريت عن قصد وعن تعمد وتخطيط مسبق ؟!
ماعلينا كما يقول عادة اللسان الشعبي الليبي فثمة الكثير ينتظر ؛ المهم انه وقع بين يدي او وقعت على عدد من مجلة الثقافة الأجنبية العراقية وهو العدد الثالث لسنة 2009م فتخيل لو ان ما وقع بين يدي كان عددا من قبل الغزو ؟! تخيل لو امكنك ان تتخيل ....!
المهم ان جولتي او لنقل جولاتي داخل أروقة هذا العدد طالت وامتدت بشكل غريب فلقد كنت معتادا من قبل على كثير من التقليب السريع لكثير من المجلات دون ان اضطر لتفحص موادها بشكل تدقيق واستقصاء ودرس كما يقال عندنا في قسم الفلسفة جامعة بنغازي عادة ...! فوجدتني اتنقل بين القصة المترجمة واللقاء المترجم والدراسة والمقالة المترجمة فأخذت بأنفاسي وشدتني اليها بقوة فوجدتني اقرا وادرس بالتفصيل على سبيل المثال فقط قرات دراسة وردت في المجلة تتحدث عن المسرح البريطاني الحديث والمعاصر وبالأخص تتحدث عن توجهات كتابه السياسية واسجل بالمناسبة ملاحظات نقدية للدراسة ولبعض الأفكار الواردة فيها وأيضا أقيم مقارنة مع المسرح الليبي في بنغازي فترة التسعينيات من القرن العشرين فثمة دائما مفاجئات تختبي وراء كل دراسة جادة وطموحة ..! دائما ..! هكذا علمتني التجربة ..!
- الدراسة الطويلة المترجمة في مجلة الثقافة الأجنبية العراقية هي بعنوان : (( لغة الازمة في المسرح البريطاني : دراما المرض الثقافي )) تبدأ من الصفحة المائة والخمس وعشرون وحتى الصفحة المائة وخمس وستون وهي للكاتب سي دبليو أي بفسبي ومن ترجمة الدكتورة هناء خليف غني نقلا عن كتاب عنوانه الدراما البريطانية المعاصرة سبق وحرره بفسبي هذا بنفسه وصدر في العام 1981م والدراسة المقتطعة منه تغطي بالدرس والمقارنة اتجاهات الكتاب البريطانيين وخلفياتهم الطبقية والاجتماعية منذ الخمسينات وحتى بداية أعوام الثمانينات من القرن العشرين وتأثير خلفياتهم الاجتماعية في تصوراتهم عن الكتابة حيث ينطلق الكاتب من معطى يدلل على صحته بالأرقام هو سيطرة كتاب من خريجي الجامعتين الارقى في العالم وفي بريطانيا جامعة اوكسفورد وجامعة كامبردج مما يوحي بانتمائهم الى اعلى الطبقات الاجتماعية الارستقراطية البريطانية المحافظة بتاريخها الطويل والمعقد وحتى انحلالاتها التي شوهدت أخيرا أي يمكن تسميته تاريخ سقوط الارستقراطية البريطانية العريقة .
- ومع تعرضه للازمة القائمة وبقاء سيطرة خريجي اوكسفورد وكامبردج على الكتابة للمسرح البريطاني لعقود من الزمن ترد الملاحظة التالية التي انقلها نصا قصد التعليق النقدي ضدها : (( القيم لا توجد في الفن على نحو مماثل لنمو الفيروس في وعاء استنبات؛ واذا اردنا للفن ان يتحول الى عنصر حيوي فعال فينبغي ان يكون على تماس مع الحياة التي يصنعها ويسعى لتغييرها ؛ هذا التغيير ينبغي ان يبدأ أخلاقيا ومنطقيا مع الكاتب الذي بالكاد بمقدوره امتداح قيم لا يلتزم بها في حياته ))
هكذا عبر بفسي عن ازمة الكتاب البريطانيين القريبين منا زمنيا فهل يسعى لان يفرض على التجربة قانونا من خارجها ؟! يقيدها ويحكم حركتها ام انه يفشل في التقاط جوهر فعل الكتابة حيث كل محرم مغر ؟!!
من اين جاء الباحث بقانونه هذه قانون تغيير المسرح للحياة ؟! او يقدر ؟!
البقية في الجزء الثاني .