هذا الطريق بمثابة " الحبل السري " لواحة الكفرة الواقعة جنوب بنغازي ( 1050كم ) ، فهو الشريان الوحيد للحركة ، سواء للمسافرين أو البضائع ،
خاصة وأن الرحلات الجوية غالبا ً إما نادرة أو متوقفة تماما ، بسبب تهالك مهبط المطار وإحجام شركات الطيران عن تسيير رحلاتها إليه ..
عمر هذا الطريق اليوم يزيد عن أربعين عاما ، وقد تهالكت أجزاء كثيرة منه وأصبح السفر عليه قطعة من العذاب ، يكابدها المسافرون من الكفرة وإليها .
المسافة التي تفصل بين جالو والكفرة هي 600 كم ، لكن المسافة الأسوأ هي التي تربط الكفرة بنقطة بوزريق على الطريق نفسها ، ولا يعرف حقيقتها وما تسببه من مخاطر ومتاعب إلا من ارتادها .
لقد تهالك الطريق عبر السنين فيما يبدو أنه بفعل ارتفاع درجات الحرارة في الصحراء الليبية ، ومخالفة المواصفات القياسية للطرق الصحراوية ، وطرق أهل الكفرة ومسؤولوها كل الأبواب في الحكومات المتوالية دون جدوى ، والحجة دائما هو التكلفة العالية ، والحاجة إلى شركات أجنبية كبرى ، وبالتالي استحالة ذلك في المدى المنظر على الأقل ، نظرا للأوضاع الأمنية التي تعيشها البلاد .
إن مخاطر هذا الطريق القت بثقلها على كاهل أهالي المدينة ، فطالهم أذاها جميعا ، لأنها أثرت على الكثير من جوانب الحياة في هذه الواحة النائية ، والتي من المفارقات تعيش على بحيرة ماء عظيمة وتنعم بخيرات كثيرة .
جهاز الإسعاف والطوارئ بالمدينة - على سبيل المثال - يعاني صعوبات جمة ، عند نقل الحالات المرضية الى مستشفيات بنغازي ، ومن بينها حلات عناية فائقة ، وكذلك حالات ولادة متعسرة ، حيث تحتاج السيارة إلى أكثر من 18 ساعة للاجتياز مسافة 1000كم ، فيما تزداد المعاناة إذا كان المريض يحتاج إلى توفير أسطوانات اكسجين لغرض التنفس خلال السفر .
وفي الجوانب الاقتصادية ، فإن سوء حال الطريق أدى إلى ارتفاع تكلفة نقل السلع والبضائع وبالتالي ارتفاع أسعار الخضراوات والمواد الغذائية ومواد البناء وغيرها ، واختلافها كثيرا عن الأسعار في المدن الأخرى .
أما الآثار الأكثر سوءا ، فهي الحوادث التي تتعرض لها السيارات نتيجة الحفر والتشققات ، التي تغطي مسافات طويلة من الطريق ، حيث تسجل سنويا عشرات الحوادث ، بما فيها احتراق السيارات نتيجة تسرب الوقود بسبب الاهتزاز ، وكثيرا ما أودت هذه الحوادث بحياة الكثيرين ، ناهيك عن استهلاك إطارات السيارات وقطع الغيار قبل انتهاء عمرها الافتراضي .
وبالرغم من كل المخاطر والخسائر المتوقعة لكل من يسلك هذا الطريق ، إلا أن أهالي المدينة وزائريها ، لا يملكون في الغالب أي خيار آخر سواء في ترحالهم أو نقل بضائعهم ، ولا أحد يعلم متى ستنتهي هذه المعاناة التي طال مداها ، في ظل تشظي الوطن ، وإهدار ثرواته ، وتردي أوضاعه الأمنية التي تمنع عودة الشركات من العودة إلى العمل في ليبيا .