حوار: الصديق الورفلي
تُعرف الأمم المتحدة الإعاقة بأنها حالة أو وظيفة يحكم عليها بأنها أقل قدرة قياسا بالمعيار المستخدم لقياس مثيلاتها في نفس المجموعة، ويستخدم المصطلح عادة في الإشارة إلى الأداء الفردي، بما في ذلك العجز البدني، والعجز الحسي، وضعف الإدراك، والقصور الفكري، والمرض العقلي وأنواع عديدة من الأمراض المزمنة.
وتقول الأمم المتحدة إن ذوي الإعاقة أقل حظاً من غيرهم فيما يخص الحالة الصحية والإنجازات التعليمية وفرص العمل ، كما أنهم أكثر فقراً مقارنة بغيرهم، وأرجعت ذلك إلى أسباب عدة من أبرزها نقص الخدمات المتاحة لهم والعقبات الكثيرة التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
كثيرة هي العقبات في ليبيا، ويجب أن يحظى الأشخاص ذوو الإعاقة في ليبيا بموجب النظام الأساسي للدولة والقوانين والنظم الدولية المعمول بها بعدد من الحقوق منها "الدمج والتمكين" و"الرعاية والتأهيل" و"العمل"، ويتصدر الأخير هذه الحقوق في ظل تنامي الدعوة إلى الاهتمام بالموارد البشرية وإسهامها في التنمية الاجتماعية.
وللوقوف على المشاكل التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في ليبيا توجهت صحيفة الحياة الليبية إلى مركز تأهيل وإعادة تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة بنغازي، والتقت رئيس قسم الخدمة الاجتماعية، صالح بالقاسم أرحيم، رئيس اللجنة العليا للتنمية المجتمعية الدامجة المشكلة حديثا.
يقول رئيس قسم الخدمة الاجتماعية، أن الأشخاص ذوي الإعاقة الذين تلقوا تأهيل وإعادة التأهيل في المركز تواجههم مشاكل التنقل من المركز إلى البيئة الخارجية لممارسة حياتهم الطبيعية مثلهم مثل الأشخاص غير ذوي الإعاقة، لافتا إلى أن أكبر المشاكل التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة هي إمكانية الوصول لتلقي الخدمات سواء الخدمات الطبية أو التعليمية أو حتى الترفيهية رغم أن ليبيا صادقت على الاتفاقات الدولية لحقوق أشخاص ذوي الإعاقة ودعتها الأمم المتحدة وأصبحت عضو رسميا فيها إلا أن انتهاك حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لزلنا نشاهده في المباني العامة والخاصة سواء في بنغازي أو في كل المدن الليبية.
وأوضح أرحيم أن الشروط والمعايير الهندسية والمعمارية في إمكانية وصول أشخاص ذوي الإعاقة لا زالت معدومة رغم أن النشطاء ينادون دائما بتطبيق التصميم الشامل للجميع ولكن التنفيذ دائما ما يكون دون الرجوع إلى المعايير الدولية التي صادقت عليها ليبيا مؤخرا.
وطالب أرحيم بإلزام تطبيق المعايير ليسهل على الأشخاص ذوي الإعاقة الوصول إلى كافة المواقع للحصول على الخدمات وجميع مناحي الحياة كغيرهم من أقرانهم من الأشخاص غير ذوي الإعاقة، مشيرا إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون مشكلة العلاج حيث أن العيادات المجمعة في بنغازي والمدن الليبية لا تستطيع هذه الفئة الوصول إليها وتلقي العلاج فيها كونها لا تحتوي على مصاعد تسهل الوصول إليها.
وعن وجود حالات في المركز تغيب عائلاتها عن متابعة حالتها المرضية وتأثير ذلك على سير العمل بالمركز وتأثير غياب العائلة عن علاج المريض، قال أرحيم: "لا نستطيع أن نصفه بالغياب لأن الأسر الليبية من عادتها الترابط والألفة ولكن الأسرة التي لديها شخص من ذوي الإعاقة خاصة من مستعملي الكرسي المتحرك أول ما يوجهها، هي مشكلة التنقل بالأشخاص ذوي الإعاقة وتنقلهم من البيت إلى الأماكن الحياتية بصفة عامة لأن البيئة العمرانية في ليبيا غير مهيئة وهي ليست غير مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة فقط بل تواجه هذه المشاكل حتى كبار السن".
وأضاف أرحيم: "إن الأشخاص ذوي الإعاقة يفضلون المكوث في مركز المعاقين مع أقرانهم كون أن المركز مكان واسع ويمكنهم فيه التحرك بسهولة ولو أن البيئة العمرانية مهيئة للجميع فسنفرض على العائلات أن تبقي أبنها في منازلها، كما أن هناك حالات في المركز فاقدة لكافة أفراد الأسر وهذه الحالات يجب أن تجد حلول من الدولة من خلال منحها منفعة سكنية لتكوين أسرة والانتقال إليها وهذا البند نسعى إلى تطبيقه على مركز الأشخاص ذوي الإعاقة مثلهم مثل نزلاء مؤسسات الرعاية الاجتماعية ولكننا لازلنا نجد مشاكل وصعوبات في تنفيذها بسبب الروتين والإجراءات التنفيذية".
وأردف أرحيم قائلا: "لو اقتنع المسؤولين في ليبيا بأن الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يستفيدوا من المنفعة السكنية فسيكونون أسرا وينتقلون للعيش المستقل وهذه كلها بنود في الاتفاقية الدولية التي لو طبقت في ليبيا لحلت مشاكل جميع الأشخاص ذوي الإعاقة ولن تجد مراكزا إيوائيا في كل ليبيا خاصة وأن العالم أصبح ينظر للمراكز الإيوائية كنوع من العزل والتهميش".
وفي توضيح عن غياب أبسط الحقوق للأشخاص ذوي الإعاقة خاصة تهيئة المنازل يقول أرحيم: "إن المركز خدماته تقدم للأشخاص ذوي الإعاقة بداخله ولكن تجهيز المنازل هناك قسم مشروعات في صندوق التضامن وبه خيرين ويجب عليهم التوجيه لكيفية تهيئة المنزل للأشخاص ذوي الإعاقة لتكون تكاليفه سهلة وليست مرتفعة".
وتابع رئيس قسم الخدمة الاجتماعية: "إن ذلك مرتبط بالوعي المجتمعي حيث أن الجميع إذا كان لديه وعي بكيفية تهيئة المنزل بالمنافع لتكون مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة وتهيئة الأماكن العامة لانتهت جميع مشاكل الأشخاص ذوي الإعاقة".
يضيف أرحيم: "شكلت مؤخرا لجنة عليا للتنمية المجتمعية الدامجة على مستوى ليبيا ونأمل أن تبدأ في خطواتها بتدريب الجميع في المجالات الطبية والتعليمية وكيفية تهيئة الأماكن وكيفية التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة".
وتحدث أرحيم عن المشاكل التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في إقامتهم بالمركز قائلا: "إن طول المدة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة في المركز قد تسبب مشاكل عديدة، خاصة تواجدهم داخل غرف مشتركة تصل فيها اللقامة في الغرفة الواحدة إلى 4 أشخاص، وذلك يسهم بانتشار البكتيريا بين النزلاء حيث أنه لو وجدت إقامة مستقلة لكان التعامل مع علاج النزلاء أسهل وفي أقصر مدة".
وفي ختام حديثه وجه أرحيم رسالة إلى المسؤولين في ليبيا بخصوص المركز والأشخاص ذوي الإعاقة في بنغازي قائلا: "نطالب كافة المسؤولين في أن يتقوا الله في القضايا الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة؛ كونها قضايا إنسانية بدرجة أولى وتحتاج إلى وقفة جادة وقرارات جريئة لكي يخرج الأشخاص ذوي الإعاقة ونزلاء المركز لممارسة حياتهم بشكل طبيعي كغيرهم من أقرانهم وهو حق مشروع لهم.. سيأتي يوم سيقوم الأشخاص ذوي الإعاقة بمقاضة المسؤولين في التقصير في تقديم حقوقهم كون أن المسؤولين ساهموا في التفكك الأسري وعزل الأشخاص ذوي الإعاقة عن المجتمع رغم أنهم من الممكن أن يكونوا منتجين ويساهمون في رفع مستوى الاقتصاد الليبي".
نقلا:عن الحياة الليبية