تلعب الغابات في ليبيا والعالم دورا حاسما في ضمان حياة البشر ويعتمد الكثير من الأشخاص في الجبل الأخضر والذي يعتبر رئة ليبيا على الغابات التي تحيط به من أجل تأمين غذاء ماشيتهم وسبل عيشهم بالإضافة الى الدور الذي تلعبه في التخفيف من حدة آثار تغير المناخ.
وتعتبر الغابات رئة الأرض وهذا دليل على مدى أهميتها في النظام العالمي، فكما لا يمكن للإنسان أن يعيش من دون رئتيه، كذلك لا تستطيع الأرض أن تعيش من دون الغابات، التي تتعرض للتدمير على يد من كان من المفترض أن يحميها ألا وهم البشر.
الجبل الأخضر في ليبيا يعاني بسبب ما تدمره الحرائق المفتعلة بين الفينة والأخرى حيث يصول ويجول فيه بائعو الحطب والفحم، والمُعتدون على أراضي الغابات بالمباني المخالفة والمحاجر العشوائية، وما ترتّب عنها من جرف ألاف الهكتارات من الغابات، وآلاف الأراضي الزراعية.
مناطق ومدن عدة يزخر بها الجبل الأخضر والذي يعد رئة ليبيا حيث استغل الانتهازيين والسماسرة غياب دور الدولة للحفاظ على غاباته ليتم الاستيلاء على عدة أماكن مملوكة للدولة وتحويلها إلى كامباوندات سكنية ومنتجعات استباحت الشواطئ الطبيعية والأراضي الزراعية والغابات التي أصبحت تُحرق عمداً كي تباع أراضيها في مزادات علنية.
مواطنون يعتبرون شهود عيان أكدوا أن اندلاع الحرائق في غابات الجبل الأخضر والذي يحدث كل عام نتيجة ارتفاع درجات الحرارة أو بسبب النيران التي يتركها المتنزهون خلفهم دون إخمادها.
وأوضح المواطنون أن النيران تلتهم جزء من الغابات في عدة مناطق مختلفة في غابات الجبل الأخضر بدأ من غابات وادي الكوف ومرورا بباقي مناطق الجبل التي تمتلئ غابتاها بالأشجار المهددة بخطر الطيران.
وأكد ذات المواطنين أن تلك المساحات الخضراء من غابات الجبل الأخضر تتقلص كل عام، حيث تأتي النيران على مساحات شاسعة منها ناهيك عن جرف الغابات في صمت أجهزة الدولة المعنية ومنها محميات طبيعية تحتوي على نبتات نادرة لا تنمو إلا في الجبل الأخضر.
ورغم أن ليبيا بلد صحراوي بالأساس إلا أنها تنعم بمنطقة غابات نادرة في الشمال الشرقي والتي تتخللها أودية في سلسلة تلال الجبل الأخضر من بنغازي إلى درنة في شمال شرق ليبيا، لمسافة تصل إلى 350 كيلومترا على ساحل البحر المتوسط، والتي تعرف بتنوعها النباتي إذ يوجد بها 70 بالمائة من النباتات الليبية بالإضافة إلى أنها تضم العديد من المواقع الأثرية.
وتغطي منطقة الجبل الأخضر مساحة تصل إلى 943 ألف هكتار فيما تشكل الغابات نصف هذه المساحة، وفقا للهيئة العامة للزراعة والثروة الحيوانية والبحرية
وفي تصريح لصحيفة الحياة الليبية يقول أحد المواطنين المقيمين بتلك المنطقة والذي فضل عدم ذكر اسمه أن فقدان المساحات الخضراء الشاسعة في تلك المناطق تسارعت وتيرته منذ عام 2011 حيث شجعت الاضطرابات التي شهدتها ليبيا الكثيرين إلى القطع الجائر للأشجار وبيعها كحطب وفحم للحصول على بعض المال بالإضافة إلى البناء العشوائي الذي ساهم في تغير طبيعة تلك المنطقة.
ومن جانبه يقول المواطن عبدالمنعم علي أن الشرطة الزراعية كانت تراقب الوضع في تلك المناطق وكانت عناصرها مزودة بسيارات دفع رباعي تساعدها في تطبيق القانون الذي يمنع قطع تلك الأشجار، ولكن ما شهدته ليبيا من أحداث وفوضى طيلة الـ 12 عاما ساهمت في غياب الدور البارز للشرطة الزراعية في ليبيا.
ويضيف ذات المواطن أن أعمال قطع الأشجار وحرائق الغابات التي قال أنها تكون مفتعلة في بعض الأحيان تتزايد وتيرته مع قرب عيد الأضحى حيث يزداد الطلب على الفحم والحطب المستخدم في شواء اللحوم.
بدوره يقول المواطن محمد سعد أن الشرطة الزراعية في مناطق الجبل الأخضر تعاني من نقص الإمكانيات التي تساعدها في تطبيق القانون ومواجهة المخالفين الذين عاثوا بمناطق الجبل الأخضر فسادا وأضروا بالبيئة الأمر الذي أثر على طبيعة مناطق الجبل الأخضر.
وأوضح سعد أن القانون في ليبيا بالنسبة لمن يقطع الأشجار غرامته بسيطة جدا ولا تردع أولئك المتلاعبين بالغابات، خاصة وأن قطع أو حرق شجرة ربما يحتاج دقائق ولكن زراعة شجرة مكانها يحتاج سنوات عدة.
بدوره يقول المواطن عبدالحميد الحجازي أن قطع الأشجار لم يساهم فقط في ظاهرة التغير المناخي فقط بل تسبب في زيادة الفيضانات في المناطق المحاذية للجبل الأخضر حيث أن اقتلاع الأشجار وإحراق الغابات ساهم في تغير مسار الأودية بالإضافة إلى البناء العشوائي الذي ساهم هو الآخر في تغيير تلك المسارات.
ويقول المواطن أحمد الدرسي، أن سكان مناطق الجبل الأخضر يلاحظون في السنوات الأخيرة ارتفاع درجات الحرارة ويتمثل ذلك في الضرر الكبير الناجم عن قطع الأشجار والحرائق المفتعلة في بعض الأحيان، خاصة وأن الأشجار تساهم تبريد حرارة الطقس.
في الختام، رغم كل الجهود التي تبذلها المنظمات غير الحكومية في ليبيا والتي تحاول من خلالها رفع وتيرة التشجير إلا أن معدل القطع الجائر والحرائق التي تشهدها تلك الغابات يجعل من تلك الجهود لا تتماشي مع معدل القطع الجائر للأشجار.
ليبقى الأمل يحذو سكان مناطق الجبل الأخضر في أن يكون للحكومة دور في حماية تلك الجبال التي تعد رئة ليبيا لحمايتها من عبث العابثين الذين يعد كسب المال هو الأهم بالنسبة لهم.