Nov 22, 2024 Last Updated 7:25 AM, Nov 21, 2024

يوسبريدس مدينة يعرفها العالم ويجهلها الليبيون.. مدينة التفاح الذهبي مميز

نقلا عن الحياة الليبية نقلا عن الحياة الليبية
 
يوسبريدس أو بنغازي الأولى، تعني حدائق التفاح الذهبي، هي مدينة إغريقية قديمة شيدت على الساحل الشرقي من ليبيا في إقليم سيرين في أواخر القرن السابع قبل الميلاد الفترة من 525 ق.م إلي 515 ق.م، وهي مدينة بنغالحالية، وتوجد أنقاضها في منطقة الزريريعية العلوة ومقبرة سيدي أعبيد بمنطقة الزريريعية بالصابري.
 
"نهر النسيان" الأسطورة الغامضة وارتباطه بـ "يوسبريدس
ذكر وجود نهر الليثون جنوب مدينة يوسبريدس والذي عثر فيه على أقدم قطعة للعملة أصدرتها هذه المدينة يرجع تاريخها إلى ما قبل عام 480 ق.م وفق المراجع التاريخية حيث يحمل أحد وجهيها نقشاً يمثل نبات السيلفيوم بينما تظهر على الوجه الأخر صورة دلفين. ويقع نهر النسيان في منطقة أبوعطني شرقي بنغازي وهو كهف ضخم تحت سطح الأرض يصل قاعه إلى عمق 50 متر وبه بحيرة جوفية ساكنة يمتد منها نهر لا نهاية له. ويطلق عليه أكثر من اسم حيث يطلق عليه نهر الليثون وكاف بالغدير والجخ الكبير، وورد في الأساطير اليونانية القديمة باسم نهر النسيان أو نهر السلوى حيث كانوا يعتقدون أن الأرواح لابد وأن تمر بهذا النهر بعد الموت لتتطهر وتنسى آلامها في الحياة، ويقال إن منطقة الليثي اشتقت اسمها منه. ولقد أرتبط نهر الليثون أو نهر النسيان بحدائق "يوسبريدس" حيث اشتهرت هذه الحدائق بأنها كانت مقرا لشجرة التفاح الذهبي المقدسة والتي أهدتها المؤلهة (جيا) إلى المؤلهة (هيرا) بمناسبة زواجها من زيوس كبير المؤلهين كما ورد في الأساطير اليونانية. وتقول الأساطير اليونانية القديمة أيضا بأن حوريات حسان وتنين ضخم هم من يحرسون البستان والتفاح الذهبي. وكانت هناك محاولات لدخوله ولمعرفة نهايته حيث روى أن أحد الباشوات في العهد التركي ركب زورقا وتوغل به في الكهف لمدة ثماني ساعات وعاد من دون أن يصل إلى نهايته. ويروى أيضا أن عددا من الجنود الإنجليز أثناء الحرب العالمية الثانية استقلوا زورقا وتوغلوا به في الكهف ولم يتمكنوا من العودة. هذا الموقع الأثري المهم لا تهدأ فيه هذه الأيام حركة الجرافات وذلك داخل الموقع الأثري للمدينة الإغريقية "يوسبريدس"، وهي الملقبة بــ"المدينة السفلى"، على رغم المطالبات المتكررة لمراقبة آثار بنغازي. حيث طالبت مراقبة آثار بنغازي بوقف أعمال الجرف التي يتعرض لها موقع مدينة يوسبريدس (المدينة السفلية) الأثرية في بنغازي، محذرة من خطورة هذا التجريف على الأمن القومي. صحيفة الحياة الليبية اقتربت من الباحثين والمسؤولين في مراقبة آثار بنغازي لمعرفة أهمية يوسبريدس والوقوف على ما يحدث من تجريف بالمدينة الأثرية.
 
مدينتين أثريتين تميزان بنغازي عن بقية مدن العالم
 
يقول، عبدالمنعم العمروني، مدير مكتب آثار بنغازي، إن مدينة بنغازي تتميز عن غيرها من مدن العالم بوجود مدينتين أثريتين هما مدينة يوسبريدس الأثرية التي تأسست عام 580ق.م بمنطقة سيدي أعبيد وما حولها واستمر الاستقرار بها حوالي 330 سنة. يضيف العمروني، بعد ذلك انتقل سكان هذه المدينة بسبب انخفاض منسوب المياه بميناء المدينة أو بسبب قرار سياسي إلى مدينة برنيكي الأثرية التي تأسست عام 247 ق.م واستمر بها الاستقرار إلي يومنا هذا. ويتابع مدير مكتب آثار بنغازي، للأسف الشديد يتعرض جزء مهم ولا يتجزأ من مدينه يوسبريدس والمعروف بالمدينة السفلى لأعمال ردم وجرف ووجود الآلات الثقيلة بحجة الاستثمار. وأردف العمروني قائلا: "يعد هذا التصرف مخالفة صريحة وانتهاك لقانون الآثار رقم 3 لسنة 1994 م بشأن حماية الآثار والمتاحف والمدن القديمة والمباني التاريخية". من جانبه يقول، الباحث الأثري بمراقبة آثار بنغازي خالد البريكي، إن المدينة الإغريقية يوسبريدس في بنغازي  مدينة شيدت في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، لافتا إلى أن ما يحدث بها الآن من عبث واعتداء صريح من  حركة الجرافات التي لا تهدأ داخل الموقع الأثري يعد جريمة في حق هذا الإرث الحضاري. وأضاف البريكي قائلا: "يعتبر ما يحدث داخل بقايا يوسبريدس تعدي على أملاك الدولة الليبية بالرغم من المطالبات المتكررة لمراقبة الآثار بوقف هذا  الاعتداء". واختتم البريكي حديثه قائلا: "إن يوسبريدس مدينة يعرفها العالم ويجهلها الليبيون.. باسمي وباسم كل مواطن غيور على بلاده سنطلق شعارا يقول "أوقفوا الهدم فلن نتخلى عن أرثنا التاريخي ومورثنا الثقافي".
 
يوسبريدس تشملها الحماية القانونية المحلية والدولية
 
يقول، عياد أصليل، رئيس المكتب القانوني بمراقبة آثار بنغازي: "تعتبر مدينة يوسبريدس من المدن المشمولة بالحماية القانونية المحلية والدولية والحماية المحلية ممثلة في قانون رقم (3) لسنة 1424 بشأن حماية الآثار والمتاحف والمدن القديمة والمباني التاريخية". ويتابع أصليل حديثه عن الجانب القانوني قائلا: "إن حماية الموقع الدولية متمثلة في العديد من الاتفاقيات الدولية والمنظمات الدولية أبرزها منظمة اليونسكو". ويضيف إصليل: "كما أن هناك اتفاقيات دولية لحماية المواقع الأثرية كموقع يوسبريدس متمثلة في اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح، لذلك تعتبر المدينة السلفى محمية ويجب الحفاظ عليها". من جانبه يقول، أكرم الورفلي، الباحث الأثري في مكتب اثار بنغازي: "إن يوسبريدس أول اسم يطلق علي مدينة بنغازي عبر التاريخ وهي تسمية إغريقية لها مدلول عند الإغريق وتعني أقصى الغرب، أو كما يقال إنه نهاية امتداد الإغريق واستقرارهم غرب مدينة قوريني (شحات الحالية)".
يضيف الورفلي: "تعد يوسبريدس نموذجا فريدا من نوعه من بين كل المدن الأثرية حول العالم كما هو متعارف عليه أن استمرار الحياة البشرية والحضارات في كل المدن الأثرية لم تنقطع أو تتوقف أبدا، حضارةً تلو الأخرى وتسلسل زمني بدأ من عصور ما قبل التاريخ إلى عصر البيبسي كوكا كما يحلو للبعض تسميته، ولكن الموضوع في يوسبريدس مختلف تماما، فهي مدينة إغريقية صرفة لم تستمر فيها باقي الحاضرات لعدة أسباب لعل أهمها هوا انخفاض منسوب المياه".
 كما أوضح الورفلي أن هناك رأي آخر يقول بأن سُكان المدينة  قد هُجروا عمدا وكل ذلك تبقى مجرد آراء لازالت تحت الدراسة على أمل أن تسفر أعمال التنقيب في الفترة القادمة لتأكيد أو نفي تلك النظريات.
  من جانبه يقول الباحث الأثري، محمد مهنى، أن مدينة يوسبريدس، أو هيسيبريدس   وتعني حدائق التفاح، يطلق عليها أيضا بنغازي الإغريقية، وشيدت في أواخر القرن السابع الميلادي وهي مدينة قديمة أنشت على الساحل الشرقي في ليبيا، وتقع عند الطرف الشمالي لسبخه الزريرعية  ويضيف مهنى: "إن المدينة ذات أهمية تاريخية وأثريه كبرى وعلى الرغم من أهميتها وقيمتها فإنها مهددة بسبب أعمال الجرف والهدم والمسح".
 
ومن جانبه قال نجمي عصمان الباحث الأثري بمراقبة آثار بنغازي: "تحدث الكثير من القصص والأساطير على تأسيس مدينة يوسبريدس أو هيسبريدس لعل أهمها حديقة التفاح الذهبي". ولفت عصمان إلى أن أهم ما يميز هذه المدينة الأثرية هو أن الحياة فيها انقطعت فجأة ولم تأتي على مراحل، مما اضطر سكان المدينة إلى تركها واللجوء إلى مكان آخر للعيش فيه. وأضاف عصمان: "لربما يبدو من الوهلة الأولى لعامة الناس أن موقع يوسبريدس مجرد مكب للقمامة ولا يعني شيئا ولكن تحت هذه النفايات تاريخ لازال تحت الأرض في انتظار الكشف عنه ومعرفة خباياه".
واختتم عصمان حديثه متسائلا: "إن يوسبريدس تصرخ فهل من مجيب؟".. لافتا إلى أن البعض يعتقد أو يؤمن بأن الآثار يجب أن يكون مبني قائم ولا يعرف أن أرضيات الفسيفساء المتبقية من المدينة وبعض امتدادات الجدران هي إرث لكل سكان بنغازي وليبيا بوجه خاص والعالم أجمع بوجه عام. وفي الختام تبقى مدينة يوسبريدس الإغريقية التي تعتبر من ضمن الموروث الثقافي الليبي مهددة بالجرف بسبب عدم امتلاك صناع القرار في ليبيا لثقافة كيفية الحفاظ على الموروث والآثار الليبية التي تعتبر أمنا قوميا للبلاد.
 

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more