Apr 19, 2024 Last Updated 8:19 AM, Apr 17, 2024

شراكة الشمال والجنوب

الأستاذ/ خليفة النيهوم الأستاذ/ خليفة النيهوم

حلم التعاون بين الشمال والجنوب ، وتقديم الدعم المالي من الشمال الغنى ، لدول الجنوب الفقيرة في افريقيا ، واسيا ، وامريكا اللاتينية ، ينشده الكثيرين للحفاظ على القيم الإنسانية، وتحقيق النظام العادل ،حرصا على عدم المخاطرة بتفكك العالم ، وزيادة موجات الهجرة الى الشمال قسراً، 100 مليون انسان يقيمون بدول جنوب الصحراء الكبرى ، تقديم 100 مليون دولار كدعم إنساني من الدول الاقتصادية الكبرى ، لا تكفى  لسد احتياجاتهم فهم الدول الأكثر فقراً عالمياً ، والقطاع الصحي لديهم ضعيف مع شح بالأدوية ، وتتفشى لديهم الأمراض على الدوام ، ويقيمون بمناطق نائية ومعزولة حضارياً عن عالم الشمال الغنى ، الفقر، والجهل هما المسيطران على الحياة اليومية ، مع انتشار عمالة الأطفال في الحقول ، والمناجم لضعف التعليم ، وعدم وجود الدعم الحكومي المناسب ، لعودتهم لمقاعد الدراسة ، الظلام يسود القرى والأحياء الفقيرة بالمدن ، فلا كهرباء تنير الظلام الدامس ، الذى يعيشونه ليل نهار ، مع توفر انهار كبيرة ، ومصبات ، وشلالات مائية ، قادرة على توليد كهرباء تنير العالم ، الحروب الاهلية ساهمت في زيادة الفقر ، والجهل ، والتفكك الاسرى ، وتفشى ظاهرة أطفال الشوارع ، وظهور مليشيات مسلحة تجند الأطفال بإغراءات مالية أحياناُ، أو قسراً بقوة السلاح أحيانا أخرى، مما ساهم في زيادة أعداء اللاجئين والمهاجرين ، للفرار بعيداً للنجاة بحياة أبنائهم ، والنزوح لمناطق أكثر أمناً.

فتدفقت موجات المهاجرين الأفرقة عبر الأراضي الليبية ونشطت العصابات التي تعمل بتجارة الرقيق ، والهجرة غير الشرعية لتحقيق اكبر مكاسب مالية ، في ظل ضعف أمنى نتيجة الصراعات السياسية ، وفشل اقتصادي نتيجة تغيير الحكومات باستمرار بدون وضع خطط اقتصادية واضحة ، وعجزت الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها بالجنوب الليبي اولاً ، تم تطور الامر إلى عجزها على السيطرة على الموانئ ، والمرافئ الليبية على طول الساحل الليبي ، فظهرت ظاهرة قوارب الموت عبر المتوسط ، ومعسكرات الاعتقال للمهاجرين ، وساهمت منظمات المجتمع المدني الأوروبي بتفاقم الظاهرة نتيجة إغرائهم للمهاجرين خلال التنسيق معهم على الأراضي الليبية ، لالتقاطهم بعرض البحر، وإيصالهم لبر الأمان على سواحل أوروبا.

وهذا يعيدنا بالذاكرة إلى سبعينات القرن الماضي ، وبروز ظاهرة المجتمعات الغنية التي تتمتع بمجموعة مزايا اقتصادية ضخمة بأمريكا اللاتينية ، فأزمة النفط في سبعينات القرن الماضي أفرزت دول غنية حققت الازدهار الاقتصادي، باعتبارها دولة منتجة، وأيضاً وفرة الأراضي مع قلة الأيدي العاملة ، وهذا ساهم بتدفق موجات الهجرة من الدول المجاورة ، لتحقيق حياة أفضل يناشدونها ،وعبور الحدود بدون مشقة ، ، مع توفر الخبرة للمهاجرين في مجال الزراعة ، وحرمانهم من العمل بأراضيهم نتيجة الحروب والفساد المالي ، مع انخفاض الكثافة السكانية لدول المهجر ، الذى كان نتيجة ترسيم الحدود بين بلدان أمريكا اللاتينية وفقاً لسياسات استعمارية ، بعد خوضها حروب الاستقلال ، أسفرت على شطر المجتمعات ذات الهوية المشتركة على جانبي الحدود ، وتوزيعها أحياناً بأكثر من دولة.، فازدادت الاستثمارات في مشروعات البنية الأساسية ، مرافق وخدمات ومشروعات اجتماعية ، ومنحت رواتب مجزية للمهنيين والفنيين تفوق رواتب نظرائهم بالدول الصناعية الكبرى ، وتسببت بجودة اختلالات وتفاوتات إضافية بين دول أمريكا اللاتينية ، من حيث معدلات النمو الاقتصادي،  فأصبحت الارجنتين وعاصمتها بوينس ايرس مركزاً رئيسياً لاستقبال المهاجرين بالقارة ، وازدادت اعداد المهاجرين من كولمبيا، التي شهدت صراعات مسلحة ، وحروب عصابات باتجاه فنزويلا الغنية نفطياً ، وتدفقت موجات مهاجري نيكارجوا نتيجة للانقلابات العسكرية الى جارتها كوستاريكا ، وفضل المهاجرين بجواتيمالا الاتجاه  شمالاً نحو المكسيك.

التغيرات السياسية نتيجة الازمات الاقتصادية، والسياسية في الارجنتين، وتشيلى، وأورجواي ساهمت في حدوت انقلابات عسكرية، وتوجيه الاقتصاد لخدمة المؤسسة العسكرية، والدخول في صراعات إقليمية مع الدول الكبرى الصناعية، تسببت في تجميد مشروعات التنمية الاقتصادية، في الدول الطاردة للعمالة، وسميت تلك الفترة بالعقد المفقود للتنمية بأمريكا اللاتينية.

برامج الإصلاح الاقتصادي التي يديرها البنك الدولي، أيضاً تسببت في بيع المشروعات الحكومية لرجال اعمال مستثمرين، وبالتالي تخلى الدولة عن دورها الاقتصادي بإدارة المشروعات، فتم تقليص العمالة بالألف من المشروعات الاقتصادية، لتحقيق أكبر عائد اقتصادي ومالي، مع عدم توزيعهم على اعمال أخرى تتناسب مع قدراتهم، ساهم في فقرهم وهجرتهم.

من خلال رؤيتي كباحث أجزم أن الفروقات الهائلة باقتصاديات الدول ، هي السبب الأساسي لازدياد أعداد للهجرة غير الشرعية في ليبيا ،وأن قوارب الموت لا تعدو ألا ان تكون طوق النجاة للمهاجر ، ونعشه المتحرك في آن واحد وأن ما تسعى إليه المنظمات الدولية الداعمة للهجرة ، التي تمولها اقتصاديات الشمال الغنى ،هو جلب العمالة التي تحتاجها هذه الدول ، بغلاف براق هو العمل الإنساني ، ودعم المهاجرين ، ومادام دول جنوب الصحراء تعانى الفقر ،والعوز، والحروب ، واقتصاديات الشمال الغنى تعانى نقص العمالة الدنيا على الدوام ، فالهجرة الآمنة ، والهجرة غير الشرعية عبر ليبيا مستمرة، مع ما يرافقها من مآسي والآلام، فغريزة الخوف لدى المهاجر ، تدفعه دائماً للرحيل بعيداً طلباً للأمان والطمأنينة .

 

المزيد في هذه الفئة : انهيار قطاع الصحة في ليبيا »
 

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more