May 06, 2024 Last Updated 7:47 AM, May 5, 2024

تعليق نقدي على النقد (2)

الكاتب/ أحمد الحسين التهامي الكاتب/ أحمد الحسين التهامي

كنت افكر وانا اتأمل اثناء قيادة السيارة في شوارع بنغازي الى درجة انني قد احدث نوعا من الفوضى في حركة المرور ففي نفسي رغبة جامحة في قراءة أحوال الناس كما كل كاتب وأديب يستمد موضوعات كتاباته من حياة الناس ومن تفاصيل يومياتهم ؛ حين تكون الريح خفيفة والمطر يهمي متواصلا دون توقف لتكتشف في صباح اليوم الثاني ان الشوارع تحولت الى برك سباحة حتى في اغنى وارقى شوارع المدينة ؛ وعندما تكتشف ان الحكومة تتفاجأ كل سنة بقدوم الشتاء ؛ إذ فجاءة يهجم وتهجم معه امطاره ولم يحدث ولا مرة في سنة من السنوات ان تنبهت حكومة ما من هذه الحكومات المتكاثرة والمتباينة انه ثمة شتاء يأتي بعد كل خريف ..!كنت اواصل التفكير في المقال الذي تعرضنا له في العدد السابق ؛ المقال الذي يتحدث عن المسرح البريطاني من زاوية كتابه واتجاهاتهم السياسية ورغبة المؤلف الناقد في تفسير مهمة المسرح على انها احداث ثورة وتلك وربي مهمة غير مفهومة من جهتي وسوف اتحدث في ثنايا المقال لما تبدو لي مهمة مستحيلة وبعيدة عن طبيعة الثقافة او طبيعة المسرح ؛ المقال هو للكاتب سي دبليو أي بفسبي وعنوانه : (( لغة الازمة في المسرح البريطاني : دراما المرض الثقافي )) الذي ترجمته د.هناء خليف غنى في العدد الثالث من مجلة الثقافة الأجنبية العراقية ؛ لسنة 2009م ؛ والمرض الثقافي بحسب بفسبي هو فشل الكتاب البريطانيين في التخلص من الطبقية ومن ثقافتها والفشل في احداث ثورة عارمة في بريطانيا طوال عقود . وكنا اشرنا الى قول المؤلف ان الكاتب يجب ان يكتب عن قيم يعيشها او عاشها واعترضنا على هذه المسالة اذ هي تشترط شرطا سابقا على التجربة ؛ إذ الكاتب قد يكتب عن قيم يعيشها نعم ؛ لكنه أيضا قد يكتب عن قيم يحن اليها ويرغبها ويمتدح الاحتكام اليها ؛ وعلينا هنا ان نفكر في ان الكاتب قد لايعيش نمطا من القيم فيكتشف بحكم تجربته ان القيم المفقودة في حياته هي قيم تستحق الإشادة بها وتستحق ان يكتب عنها فاذا اعملنا المبدأ الذي ذكره الناقد وقعنا في مشكلة ؛ إذ سيكتب الكاتب عن قيم لم يعشها بل فقط احس باهميتها واحس بخطر فقدانها ؛ واذن لاقيمة لافتراض قانون يحكم التجربة تجربة الكتابة من خارجها ؛ هذا اذا لم ناخذ في الاعبار أيضا ان الكتابة الأدبية والمسرح قد تبتغي ملاحقة الحرية وعندها قد لاتلتزم حتى بمبدأ الواقعية فكيف تطلب من مؤلف ان يكون حرا ثم ترغمه على السير وفقا لمنطق خارج التجربة ؟! وهنا يجب ان نقف قليلا لنتامل المهمة التي يتطوع لادائها هذا النقد؛ إذ الناقد لا يعود قارئا خبيرا يهتم بالصياغات الفنية للعمل ومدى تحقيقه لهدف الاتصال بالناس وملامسة مشاعرهم وتطلعاتهم ؛ الى مهمة أخرى هي مدى تطابق مهمة الكتابة مع المهام التاريخية المفترضة امام شعب من الشعوب أي ان ينتقل عمل الناقد ليصبح جزءا من تصور حزب ما لمجريات الحياة السياسية ومتطلبات المرحلة التاريخية وشروطها؛ فالبحث عن دور المسرح في القيام بثورة يشترط أولا ان تدرس ظروف المجتمع وان تحدد شروط حدوث هذه الثورة من الناحية التاريخية قبل ان تطالب الكتاب المسرحيين بالعمل على تحقيق هدف الثورة وهذا يفترض ان كل ناقد هو منظر أيديولوجي وسياسي كما انه سوف يطرح تلقائيا سؤالا عن واجب الناقد في بلدان كتلة الاتحاد السوفياتي وقد أنجزت فيها الثورة سابقا ؛ هل سيتقاعد النقاد في هذه البلاد ؟!! الى الجزء الثالث من المقال .

 

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more