Apr 30, 2024 Last Updated 9:18 AM, Apr 30, 2024

الحاجي والأصفر عندما تكون التجربة الإبداعية رافدا للصمود في وجه الحياة مميز

حنان علي كابو

في اللاوعيها ،وبمنطقة شعورها تصطف الشخصيات بملامح هزيلة وأخرى جادة ،وبالخلف السخرية شعارها  في ذاكرتها التي لاتستكين ،أصوات تعلو ،وأحاديث لاتشيخ ،وأحداث لاتهدأ .في قعرصمتها حياة أخرى تنسجها كحدث أول ،ثم تضيع منها الخريطة تتبع حدسها ،شخصياتها بمساراتها المتعددة وطرقها الملتوية فتغرد وحيدة بسربها الطويل ويسري في حكايتها ليل طويل   إلى أن تهدأ عاصفتها ويبلغ الأفق منتهاه .وتسطر هنا النهاية ما بين الحياة والضفة الأخرى خيوط رفيعة جدا تتداخل تتشابك ويظل الخيال موقد اللحظة ،وتظل اللحظة توثيقا ممهورا بخط الروائية

في هذا التقرير أفسح الصفحات البيضاء ،لتترك توقيعهما ضيفتي الروائيتان فاطمة الحاجي ،وعائشة الأصفر 

الرواية ...الوجهة الأوعر

تشير  الروائية أستاذة النقد الأدبي الدكتورة فاطمة الحاجي في بداية حديثها إلى أن الكتابة الإبداعية هي حالة شعورية لها معطياتها وشروطها،حيث تقول " وهي مثل الحالة الانفصالية بين الذات الحقيقية والذات المتخيلة ،وهي لا تخضع  أولا إلا لشرط الموهبة والرغبة في التعبير، ثم الى شرط المعرفة، وغنى التجربة الحياتية.  وتمر مراحل الإبداع  حسب المحلًلين للتجربة:- بالإعداد ومرحلة الكمون ، ومرحلة الاشراق، ومرحلة التحقيق والتنفيذ. ثم المراجعة وهنا تتدخل ربما الخبرة النقدية  في التجربة .

تسترجع بذاكرتها للبدايات قائلة "تموقعي بين النقد والرواية اختيار من جهة وإجبار من جهة أخرى. وهنا يجب العودة الى مرحلة النشأة  والطفولة فقد ظهرت لدي الميول الأدبية لانني نشأت في بيت يحفل بالأدب وحب العلم والشعر والتصوف . كان والدي محبا للشعر، متصوفا أزهريا فشجعني على الكتابة منذ نعومة أظافري عندما لاح شغفي بالشعر وطرح السؤال.  كتبت محاولات أعتبرها خجولة في الشعر، أما القصة القصيرة  فقد نشرت عدة أعمال في الصحف الليبية ولاقت رضا بعض النقاد ، ثم انقطعت للتفرغ للدراسة المعمقة اوالحصول على الدكتوراة خارج الوطن، فاخترت النقد مجالا للتخصص وهذا عمق معرفتي بفن السرد ومقاربته وأهميته. وساعدني في التعمق في التخصص الدراسة بلغة أجنبية التي فتحت ذهني على النظرية الأدبية  والعلوم السردية  التي تصدرت المشهد الأدبي في المجتمعات التي سبقتنا في هذا المجال. وربما جاء اختياري لدراسة اللغة الإنجليزية  كنوع من ردة الفعل لحرماننا من تعلمها في تلك الفترة ولم أكن أعلم أنني اتخذت الوجهة الأوعر حسب ما قال لي المرحوم خليفة التليسي عندما أعلمته بالخبر وهو في زيارة أسرية لنا.  ركبت الصعاب وتأرجحت وهزمت مانع المعرفة ، وحصل المراد.

وتواصل الحاجي حديثها "لعل الرواية أهم أعمالي ، والرواية من أصعب الفنون الأدبية  كما نعلم جميعا في كتابتها ، أوفي مقاربتها نقديا ، أما الحديث عن هذه التجربة فهي المهمة الأكثر صعوبة لاتساع البنيات التعبيرية وتشابكها،من جهة، وفي العملية الإبداعية المعقدة ، ثم التطرق لقضايا حيوية ملاصقة لها، مثل  القارئ ومسألة التلقي،وقضايا النشر وظروفي الخاصة، لقد تبلورت  هذه الدوافع و جاءت ليس للتعبير عن قضايا ذاتية محضة  أو للتعبير عن المخزون المعرفي ودور البطل المشارك ، وإنما جاءت " حسب ظني" نتيجة تفجر موهبة مقموعة لسنين طويلة  في ذاتي، ذاتي التي تاهت في التجريب والدراسات  والواجبات الأسرية، ومعاناة الحياةعموما. وشعوري في لحظة الخلق  أن لاحياة لي بدون كتابة الرواية،  كما يرى بعض النقاد  مكانة السرد  القيمة التي تصل الى معادلة الحياة "قال  تزفيتان تودوروف" المسرود يعادل الحياة وغياب المسرود يساوي الموت".[i]   ايماني العميق ان الانسان في أمس الحاجة  االآن إلى الأدب والفن في زمن هجوم التكنولوجيا على كل مناحي الحياة العصرية وتشيء الانسان في العالم المادي. وفي ظروف التهديد الوجودي لنا                                                                                    

الصمت خيانة ...

وفي نفس السياق تواصل "ظلت الرغبة في الكتابة تلح وتطرق ذهني كمطارق لا تستكين ولا تهمد، ، وصوت يصيح في داخلي "الصمت خيانة"، في المرحلة المبكرة  بدأت كتابة روايتي "صراخ الطابق السفلي" في نسختها الأولى  وأنا أرتجف خوفا من الاقتراب من الممنوع،  الخوف الذي ورثناه ورسخ في النفس المقهورة ، وكانت روايتي تحمل عنوانا غير الذي صدر. أعود لها في المساءات أبحث عن وسائل التعبير المتخفية في رمزيتها وأنا أنسج اللغة المخاتلة، ثم كانت رحلة الاغتراب التي غيرت وجهة الحياة  فأنهيت معاناتي ، بعدما فكًت وثاقها مني، و أعلنت عن تحررها تحمل" صراخ الطابق السفلي"  طبع دار النهضة بيروت  سنة 2016، وتبعتها  الرواية الثانية "رحيل آريس". طبع دار خريف تونس سنة 2022. ولكل رواية ظروفها الخاصة الدافعة للكتابة والظروف المصاحبة.                                                                    

كتبت هذه الرواية  بعد أن تراكمت الظروف التي دفعتني الى أهمية  الكتابة  وأهم هذه الأهداف هو ترك توقيعي على رصيف الحياة قبل العبور إلى الضفة الأخرى،  ولعدة دوافع لا يمكن الافصاح عنها في هذه المساحة الضيقة . رواية حمًلتها تجربة حياة قاسية للوعي الفردي، حملتها معاناتنا لسنين طويلة، معاناة جيلي وكل أبناءالوطن، وتراكم جبل المعاناة وظل هذا الهاجس يحفر في ذاتي الى ان وصلت الى نقطة حسمت مسألة الكتابة ،

كنت حينها في تونس مع زوجي المقعد بفعل الجلطة وإحساسي يكبر بدنو النهاية ، و ظروفي الصحية في حينها ليست على مايرام  حيث كنت أعاني أزمة قلبية  حادة حملتني الى ضفاف الموت أقعدتني في المستشفى،  فخشيت الرحيل وقررت إعادة كتابة الرواية التي كانت مخزنة في ذاكرتي بوضوح بعد أن سرق اللصوص نسختها الأولى التي كانت  في جهاز الحاسوب الذي سرق ضمن كل ما أملك في بيتي المنهوب عندما احتله بعض أدعياء الثورة في بداية الأحداث 2011 بحجج كاذبة ودفعت ثمنها غاليا. كتبتها بعجل وكانت كل الشخصيات تعيش معي لسنوات وصراع الأحداث يحتل ذهني ويؤرق ذاتي ، ما ان سمعت الشخصيات قراري حتى تجهزن للإفصاح والخروج الى إشراقة ا لوجود، والإنعتاق من أغشية الذهن والروح. دفعت بالرواية للنشر وكان حلمي أن أرى روايتي تعلن  شهادة ميلادي وبعد إلحاح وتشجيع من بعض أفراد أسرتي صدرت الرواية.                                                                         

  الرواية عبرت عن الآلام المشتركة فأفكارنا المنتجة تولد من الألم ، والألم هو ليس الذات الموجوعة،[ii] ولكنه وعي الذات بالألم، في تحويله لوعي يفارق العلة الكامنة في أعماقها القيمية والإنسانية. فالابداع ما هو الا تصوير ا لبؤس البشر في أزمة وجودهم وصراعهم من أجل تحقيق الذات، و البحث عن الحب والمتعة ونشدان الحرية واستبعاد الفناء، ، فيصبح الألم قيمة مكونة للجمالي والفني في الرواية، الألم الذي ينشده الروائي ويكشف عن أسرار عمق الكائن البشري في رحلة الحياة فيتكون أيقونة الألم الجليل .....                                                      

الرواية المعنونة" بصراخ الطابق السفلي" تتناول رحلة زمنية تعود الى الثمانينات حيث الصراع والتغيير على أشده بين قوى السلطة وأغلب فئات المجتمع الذين شاهدوا التغيير المزلزل " الثوري" بمسميات متعددة وشهد المجتمع الليبي الإعدام شنقا في الجامعات، وسجن المثقف، و التغيير الاشتراكي المتمثل في منع التجارة ومنع الأفكار،  ومعاناة  تغيير القوانين ، والصراع الدولي المرعب الدائرفي حرب تشاد، والغارة الأمريكية،   كلها أحداث هزت وغيرت المنظومة الاجتماعية مما نتج عنه التشظي الوجودي للفرد في مغالبته للعواطف والأفكاروالصراع مع الداخل والخارج، مماولد انشطار الذات أمام عنف السلطة وتكسر الأحلام الفردية والجماعية، وعزلة الفرد مقهورا، حيث بدأ الانهيار الكامل للكيان الذاتي برؤية موجعة وتشكل أليم.

الرواية تعبر عن مجاهل الذات في واقع تداخلت فيه السلوكيات والقيم والمصائر،  فكانت تميل الى الرواية الجديدة  التي لا تعبر عن خط الزمن المستقيم ، ولا عن البطل الواحد، فهي رواية أبطال وأصوات ، حسب مفهوم الرواية الجديدة التي  تعبر على تغير وجهة الرواية الكلاسيكية التي تعنى بالفرد حيث الفرد هو مصدر الكون،. أما الرواية الجديدة فهي مختلفة من حيث مصائر الأبطال المغاير للواقع ، وحيث الإنسان أحد مفردات الكون، وحيث النهايات المفتوحة غير المتناهية. وجدت نفسي في سياق التعبير عن هذا التوجه بلا وعي، حيث كان ما يشغل بالي ضياع الإنسان تحت سياط بطش السلطة على تنوع هذه السياط،  التطبيق المعارض للتنظير، الحروب وويلاتها، صراع الانسان بلا تحيز لقضية جنس دون آخر، ربما هوكل مخزون الألم  المصاحب الذي سيطر بلا إرادة.

 رواية حرب...!

ظروف كتابة رحيل آريس تختلف عن ظروف الرواية الأولى فعندما  تكتب عن أحداث معاصرة فهذه مغامرة كبيرة.  رواية رحيل آريس اعتبرها بعض النقاد "رواية حرب"، هي جملة رؤى معرفية تسودها أحداث تراجيدية جدا معاصرة تتداخل فيها الأزمنة هذا ما جعل من كتابتها وإثارة الأسئلة أمرا عسيرا ،أما إلاجابة عن الأسئلة التي فجرتها الرواية فتلك القضية الأصعب.                

طرحت رواية " رحيل آريس" سيرورة الأحداث لتشكل سؤال الأزمة، بل الأزمات التي تطرحها الرواية،ونظمت الحدث في تنامي يقود إلى الدهشة  وغرابة السؤال الذي يغفو في لاوعي القارئ ليتوقف متأملا الحدث، والذات المتكومة وراء الانبهار بمفاجاة الديالكتيك المعقد بين الشخصيات المتضادة في ثنايا السرد.                                                                                                                            صرخة أطلقها أبطال هذه الرواية وأجبروني على الكتابة. " رحيل آريس" صرخة مني ضد الحرب. ترفض الأنين الخافت تجاه الأحداث المدمّرة المعاصرة تجاه  سوأة ما يسمى بالربيع العربي التي هزّت الذات والوطن و الأمة جميعا. تفرض عليّ شخصياتها الخروج إلى الوجود لتنسج حقيقة المعاناة غير مبالية برأيي،ولا انتظاري لتقصي الأوضاع ، ومحاولة فهم صراع الأضداد الذي فاض كالطوفان علينا.غير مبالية بصعوبة التعبير في مواجهة الصورة التي لاتسمح بالتقاط الأنفاس لتصوير الحبكة والحدث والشخصية،  كيف التقط قلمي وأنا أعبر الحرائق والدماء وأصوات القذائف، كيف أعبر لشاطئ الكتابة وسط الدخان وتطاير الرماد وأشلاء الأجساد، في سباق زمني تعبر الصورة في وسائل التواصل في ثانية  زمنية ،بينما أنا مذهولة أحاول استيعاب الشريط المرعب لللأحداث، شخصياتها لم تكترث لتشابك الأحداث التراجيدية وتضاربها واستحالة استحضارها في سيولة الزمن وتدفقه وإنما تطرق باب وسادتي كل ليلة وتتشكل كوابيس لا تختفي بظهور النهار، ما دوري في تصوير أحداث يشارك القارئ فيها بحضوره المادي ويكتوي بطعم الموت والهزيمة والدمار، ماذا يبقى للرواية لتصمد أمام صورة تنقل أدق التفاصيل وتعبر عن واقع متناقض الأطراف مسدود المسارب فكيف لا نجن وكل شيء يدفع للجنون.ومن أين لي بقارئ يود  إعادة رؤية كابوسه. 

الرواية أداة للمقاومة                                                                                                   

تختتم حديثها "رغم هذا الكم من المصاعب كان لابد لي أن أكتب ما هو خلف الصورة ، أكتب عن كل ما تشكل وتأطر خارج البراويز ، يبقى سلاح الرواية طريقة القول، يبقى لها  صيغة تشكلها ، يبقى للرواية وهي جنس ديمقراطي إمكانية رسم تجربة مفزعة أكثر مما روته الأساطير حيث تظهر الرواية  كما قيل عنها "أداة للمقاومة" لا أعني المعنى السطحي للفظ مقاومة" اي التحريض "وانما مقاومة الوجع بالكتابة، لتكون الرسالة للقارئ لتحفيز الوعي المذهول ليقاوم الوجع المشترك ، بناء فكر يبني جدارا ضد تفتت الأوطان ، فمن غير الرواية له إمكانية السرد الذي يعري الواقع ويعيد للأذهان الصورة  لنعيد تأملها وندرك أنها ليست صورة وإنما سرد فني موثق  لتأمل الذات بمساحة من العمق،صورة هدم الإنسان بفعل الحرب، والظلم، وهدم المدن وتهجيير البشر ونسف جذورنا بأيدي أبناء الوطن، تبقى الرواية فعلا صامدا للوجود، كي لا ينسحب الإنسان من على هذه الرقعة بلا دليل على وجوده إلا الفقاعات. وتصبح الرواية المفتاح الرئيسي والصورة الثابتة للوجود والقابلة للتأمل.   "                                                   

 

تشير الروائية عائشة الأصفر إن قبل الخوض في كون التجربة الإبداعية تدفع بالثبات في مواجهة تناقضات الواقع، علينا الاتفاق على مفهوم للإبداع ومتى تتحقق للمبدع التجربة فيه، وهل من إجماع على متناقضات الواقع أم تخضع لنسبية الثقافة والمتغيرات؟

وتضيف " مذ كانت الخليقة والإنسان في تحدٍ مع الوجود، الطبيعة والبشر، الزلازل والفيضانات والأعاصير والأوبئة، يصارع الاستعباد والحروب، الجهل والجوع والقهر، تحدٍ مبعثه القلق والبحث عن طمأنينة وحماية في عالم متقلب، عندما يكتشف كم هو ضعيف وقشة وفقاعة أمام عبثية الحياة وقسوتها في آن، ويدرك بهذا الاكتشاف أن القوة لا تواجه إلا بالقوة، وأن الاستسلام إلى العبث موت بطيء لحياته التي وجد فيها قسرا وعليه أن يخلق لذاته غاية منها، من الحياة. هذا الإدراك قاده أول ذا بدء إلى عالم جديد ومدهش هو الأسطورة وجمالية تفسيراتها للخروج من مأزق الحيرة، ألّه نصفه، حلق كملائكة، وحاكم بفنتازية مشروعة قبح البشر وطغيانهم، نقش على ألواح الطين والصخور، فتفجرت جلجامش والإلياذة وأوديسا، يرسم المبدع أسطورته الخاصة وسلامه الخاص وتنسيقه المستقل لعالمه الذي يهواه، وبالنمط الذي يراه، لوحة أم موسيقى أم هذيانا محموما بالدهشة، ليكون إبداعه رد فعل واستجابة لتحدي القلق ولملمة حالة التشظي التي تمزق داخله وتبعثره، ليكون الإبداع فعل هروب من قبح الواقع، وصومعة نجاة لقلب زاهد، ووسيلة متصوف إلى السماء، وجنون ملحد وراء العدم"

 وتؤكد الأصفر إن  الإبداع حالة وعي عميق فردية وخاصة لدى المبدع الباحث عن خلاص،وتضيف " ومبعث دهشة للمتلقي، يدفع سقف الطموح، ويظل في حالة طردية مع تطلعاته، فمذ كان القلق طفلا بداخله يزوج الأرض للسماء ويحلب القمر، ويهب إنليل الريح وعشتار الخصب، ومذ أدرك "جلجامش" أن الخلود ليس للبشر، ومذ اصطاد من النهر أيام القمح وحساب الشهور، وإلى أن كبر القلق واستمع لنوح الحمام يسأل: "أبكت تلكم الحمامة أم غنت؟"، وعزف وهو أبكم أجمل سيمفونية مذ ذاك وهو يكبر، يكبر الإبداع بتمدد القلق والهواجس وحصار الأسئلة في مخيلة المبدع فتطل بروؤسها وألسنتها تتحرى مخرج تفريغ بحجم الأزمة. وإن كان حالة فردية، لكن عمل المبدع يظل رهين التنشئة الثقافية والبيئة المحيطة، ولذا كانت التابوهات وكان الانتقاد، ولذا كانت الذائقة البسيطة السائدة تطغى في حكمها على المبدع، وكانت المجتمعات الديكتاتورية سلطة وشارعا ومشرّعا أكبر تحدٍ للمبدع بانتقادها غير المدروس، وإذا كان النقد هو إعمال العقل المبدع الحر المستقل شأنه شأن الإبداع فهو أيضا يعاني، وجه النقد ليس فقط المختص الأكاديمي المعني بالنصوص الإبداعية، النقد مشروع عملاق يؤسس ويتدخل في كل مناهج التفكير الإنساني وخططه الاستراتيجية البسيطة من حوار مع طفل، مرورا بالاحتجاجات والتنظيمات والقدح والنكات الساخرة والتعليقات المغرضة والرسائل المشفرة إلى المعقدة مثل الأمن القومي، فالنقد يحمله الإنسان البسيط والناضج في مكونه قولا وسلوكا، فأين نحن اليوم من كل هذا ونحن نعاين ضعضعة في المنظومة النقدية للمجتمعات وخاصة مجتمعاتنا المرتبكة،

فهل نستثني منها دُرّاس النقد ومعاييرهم الإبداعية المتقلبة وعدم ثقتهم بالمحلي؟

الكتابة مواساة ....ورئة لي .

وتواصل في نفس السياق الأصفر قائلة "  وتجربتي هنا لا تخرج عما سبق وقيل، الكتابة مواساة ورافدا لي قبل أن ينال منها المتلقي ما قد يحقق له سلاما ويجنبه أذى المعيش لا أكثر، فالمبدع ليس واعظا والرواية تسأل ولا تجيب، كتاباتي المتواضعة رئة لي في واقع بائس ومقلق وصادم وظالم ومظلم ولا تصفه كل كلمات الألم، أعترف أني بطبعي بعيدة ومنزوية ومحدودة العلاقات، ولا أفكر بالمتلقي ساعة الكتابة، والذي يحاصرني ما إن أنتهي من العمل مثل طفل لا يحسب عواقب تمرده ونزقه إلا متأخرا، لكني أعيش حالة من الاتحاد والتقمص الشديد لكل شخوصي، ينامون معي، أعاني معهم عذاباتهم أبكي معهم وأعانقهم وأحلم بهم، ويهون ذلك مشاركة القراء لي في حمل أوجاعهم ومقاسمتها

وتختتم الأصفر مشاركتها قائلة "

تؤكد التجربة الإبداعية أن الإبداع مظهر وعي، عدوه التخلف، يتنفس بالنور ويخنقه الظلام"

 

 

اشترك في نشرتنا الإخبارية

ليصلك كل جديد من أخبار ومقالات وأخر القضايا الساخنة ... ضع بريدك الإلكتروني هنا

أكثر قراءة

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more