Mar 29, 2024 Last Updated 10:05 PM, Mar 21, 2024

نصوص تتأرجح بين جمال إبداعها وأخلاق كاتبها ...! مميز

محمد العمامي، يونس الفنادي، مفتاح قناو، إجلال البيلي محمد العمامي، يونس الفنادي، مفتاح قناو، إجلال البيلي

حنان علي كابو
يستوقفنا نص ما لأنه لمس شيئا بداخلنا ،حركه من بحيرته الراكدة ،أيقظ حواسه دفعة واحدة ،لم نتساءل لبرهة من كاتبها ومن ترك توقيعه يومض كلما قرأه أحدنا أو أستدل به .
وقعه كمذاق الشهد أو أكثر ويقفز لسان حالنا ونحن نردد بدهشة ممزوجة "الله "كيف تسنى له ذلك .
ولكن هل يتغير هذا النص الأدبي مهما بلغت مقاييس جماله وذائقته الفنية وبلاغته البنيوية في أي يتضاءل اعجابنا به عندما ندرك حقا بشاعة فعل صاحبه وقبح مواقفه وسوء اخلاقه ...؟
تساؤلات طرحت من قبل الأستاذ الكاتب الشاعر جابر نور سلطان حيث كتب "هل يمكن أن نفصل بين الأديبِ وبين أخلاقه... بين النصِّ وصاحبه. هل تستسيغ جمالَ النص وأنتَ تدرك تماماً قبح صاحبه؟؟"
فتناولها بأبعادها الدكتور محمد قصيبات في مقال ، وأثارت حاستي الصحافية في أن أوجه هذه الأسئلة لثلة من مبدعينا يشاركوننا وجهة نظرهم في هذا التقرير

السلوك الذى يشوه المرء يشوه مسبقا ابداعه..!

يرى الروائي الكاتب محمد عقيلة العمامي إن الأديب شخصية عامة، وبالتالي ان تشوهت هذه الشخصية ولم يخفها، او انه يتباهى بممارسة ما يشوه اخلاقه وسمعته ، بالتأكيد لا يمكن الفصل بين شخصيته وبين وما يبدعه. وأضاف "علينا نأخذ في الاعتبار، ان السلوك الذى يشوه المرء بصفة عامة، يشوه مسبقا ابداعه وبالتالي لا يؤثر فينا . اعرف كثيرا من الأدباء يعون عيب ما يفعلونه ولكنهم يخفونه ولا يتباهون به آخذين بالنصيحة التى تقول : " إن بوليتم فاستتروا ". وكثير من الادباء لم نعلم عنهم شيئا الا بعد رحيلهم، ومع ذلك قل كثيرا اعجابنا بما قدموا. وباختصار لا يمكن الفصل ما بين الاديب واخلاقه، وأيضا كثيرا ما خبأ وهج اعجابي بنص بعدما عرفت قبح صاحبة. الادب من دون اخلاق مبدعه، لا استطيع مطلقا الانسجام معه. مع الاخذ في الاعتبار الامور التى تمس فعلا الاخلاق.. فالمزاج الشخصي في شرب قهوة أو شاي، أو مشروب بارد او ساخن، او تناول لفافة تبغ او مثلها. لا اعتبرها تمس الأخلاق !


النص المخاتل ..!


ينحاز الكاتب والناقد يونس الفنادي للنصِّ الإبداعي الذي يوفر متعةً ومعرفةً وانبساطاً أثناء قراءته بصرف النظر عن سلوك كاتبه، قال "لأن الأدب هو ما يوفر لنا مساحةً من المسرة والبهجة في قوالب متعددة وأجناس فنية مختلفة تتسم بعذوبة المفردة اللغوية والأسلوب الآسر فتوطن الدهشة والانبهار فينا، مما يمنحنا طاقة إيجابية ويجعلنا نتذوق الحياة بطعم لذيذ. ففي كتابه الممتع (الأدبُ في خطر) يقول الأديب "تزفيتان تودوروف" (يستطيع الأدبُ أن يفعل الكثير. ويمكنه أن يمد لنا يد العون عندما نكون محبطين بعمق، ويقودنا نحو الكائنات الإنسانية الأخرى التي تحيط بنا، وأن يجعلنا نفهم على نحو أفضل العالم، ويساعدنا على العيش. وليس هذا لأنه يمثل تقنية معالجة الروح قبل كل شيء، فهو يستطيع أيضاً، في هذه الأثناء، أن يحول كل واحد منا في داخله. ولذا، فإن للأدب دوراً جوهرياً يقوم به..). ولكني حين أعقد مقارنةً بين السلوك الشخصي للكاتب وما يحمله النصِّ الذي يكتبه من نداءات تجاه الفضيلة والمحبة والأخلاق والقيم الإنسانية كافةً، وأجدُ تناقضاً بينهما أعتبر أن النصَّ مهما ارتقت درجة إبداعه (مخاتلٌ) لا ينتمي إلى (سلوك) صاحبه ولا يتطابق مع واقعية تصرفات حياته المعيشية -التي لا تعنيني-، مع يقيني التام بأن النص الأدبي لا يخلو غالباً من الأفكار التي لا يغادرها الخيال أو المجاز أو الوصف أو الغزل الصريح، أي أنه ليس نمطياً في أحداثه ولا واقعياً سيرياً في تفاصيله."
وأردف قائلا" ولا شك أنني في هذه الحالة أظلُ أستسيغُ النصَّ وأحتفي به لخصوصية مكونات مضمونه ورؤاه الموضوعية وجمالياته وتقنياته الفنية، وفي المقابل أتأسف لسلوك كاتبه وممارساته الحياتية الفعلية غير المتوافقة مع المبادئ أو القيم النبيلة التي قد ينادي بها ويعرضها في نصه الأدبي الإبداعي".
ويختتم مشاركته بقوله " لا شك أن بعض المدارس النقدية تنادي بضرورة الفصل بين الكاتب ونصِّه، أي أن تتم قراءة المنتوج الأدبي الإبداعي بعيداً عن سلوكيات صاحبه وتصرفاته، بينما هناك مناهج أخرى ظلت تهيمن على التوجيه الضيق لوظائف الأدب والعمل على قراءته وفق الأسس الدينية والأخلاقية والتربوية حد التقديس، بل وتهدد المبتعدين عن ذاك التوجه، وهو ما يجعل الكثير من الأعمال الإبداعية تعامل وفق هذا المنظور."

الفصل بين نصوص الكاتب وأخلاقه

يؤكد الكاتب القاص مفتاح قناو إن كثيرا ما يُطرح هذا السؤال في الحوارات الخاصة بين عموم المهتمين بالكتابة والثقافة في مختلف أشكالها، لأنه سؤال هام يشكل ــ في أحيانا كثيرة ــ عائقا أو مانعا لمواصلة متابعة كتابات كاتب معين بعد اكتشاف انحرافه الأخلاقي، أو أنه غير صادق في كتاباته.
ويضيف "وفي اعتقادي أن يوجد أكثر من مستوى في موضوع فساد أخلاق الكاتب، فهناك (الفساد مدفوع الثمن) وهذا ينطبق في أغلب الأحيان على كٌتاب يكتبون في المواضيع السياسية، فهؤلاء يحاولون إقناع المواطن بتوجه سياسي معين ينتمون له، أو يستلمون منه مرتبات ومكافآت مالية ثابتة، أو أنهم يهاجمون توجه أخر أو أشخاص آخرين يخالفونهم التوجه السياسي وينبغي تحطيمهم.
وهناك نوع أخر يتعلق (بفساد أخلاق الشخص ذاته) وهذا يعاني منه في العادة بعض كتاب النصوص الإبداعية من شعر وقصة ورواية وغيرها، وهنا يخطر في البال ما يردده بعض الأصدقاء من أنهم نادمون لتعرفهم على الكاتب فلان لأنه مثل على مستوى التعامل الخلقي صدمة أخلاقية لهم.
وإذا ناقشنا هذا الموضوع فلن نصل إلى نتيجة حاسمة، فهناك من يتجاهل سلوكيات الكاتب ويعتبرها مسألة شخصية تخصه هو فقط، بينما يرى فريق أخر ـــ وانأ أوافق على هذا الرأي ـــ بأن نمط تعامل الإنسان مع الحياة ( كل لا يتجزأ) فلا يمكن القبول بمبدع يقدم أعمالا تعلم الناس، وتزرع فيهم حب الحياة والاستمتاع بها، ثم يظهر في تعامله معهم سلوكاً مشيناً يجعلهم ينفرون منه، فلا يمكن للمتلقي أن يجد أي رغبة أو متعة في أعمال هذا الكاتب، إلا إذا امتلك هذا المتلقي مزاجا خاصا لا يمتلكه باقي البشر. "



إقصاء مركزية الذات وإحلال مركزية اللغة...!



وفي نفس السياق تشير الشاعرة اليمنية إجلال البيلي في مسألة فصل النص عن صاحبه وعزله تمامًا تحدّث الكثير من النقّاد في هذا الشأن وبرزت تيّارات سعت إلى ترسيخ تلك الفكرة،حيث تقول " منها المدرسة الشكلية التي تعاملت مع النص بوصفه لغة شكلية منقطعة وغير متصلة بالعالم الخارجي- الكاتب، وكل الظروف المحيطة به- وقيّمت النص على أساس البنية وهذه أيضًا ما دعت إليه البنيوية، فاللغة وتراكيبها هي التي تتحدث. أيضًا ظهور نظرية موت المؤلف لرولان بارت الذي ذهب فيها إلى إقصاء مركزية الذات وإحلال مركزية اللغة، ما يعني التعامل مع الأدب بشكل عام والنص بشكل خاص على أنه موضوع جمالي وليس ممارسة اجتماعية. وتحدّث فراي:" على أن الأدب بنية لغوية مستقلة ذاتيًا، منقطعة تمامًا عن أي مرجعية تتعدّاه، وميدانا كتيمًا ومنطويًا على ذاته، يحتوي الحياة والواقع في نظام من العلاقات اللغوية" وهذا مما يعزّز قراءة النص بعيدًا عن المؤلف"
وتضيف". بالمقابل ظهرت مدراس ونقّاد تعاكس تلك الأفكار والتيارات، كتب تيري إيغلتون" أن تلك النظريات ظاهرة لا إنسانية، فهي عدوٌّ للتاريخ وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الإنسانية" بالتالي أيًا كانت الدوافع والمبررات لعزل النص عن صاحبه وعن التأثيرات التي قد تكون سببًا في خلق النص غير مقبولة "
وفي رأيها الشخصي،تقول البيلي " قد يكون النص رائعًا وذو دلالات عميقة لا أستطيع أن أتناولها دون ربطها بالكاتب ودوره في صياغة الفكرة عبر استخدام الكلمات."

 

اشترك في نشرتنا الإخبارية

ليصلك كل جديد من أخبار ومقالات وأخر القضايا الساخنة ... ضع بريدك الإلكتروني هنا

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more