.د.علي المبروك ابوقرين
الطب هو المهنة التي عرفها الانسان منذ القدم جيلا بعد جيل , ومنذ وجود الإنسان في الحياة يكافح من أجل بقائه ، ويسعى للتعافي من دائه ، والتخلص من أمراضه وآلامه بدافع غريزة الشفاء ، والصحة مطلب يسعى الإنسان للحصول عليها والحفاظ عليها ،وكان للفلسفة الطبية دورًا مهم لاستكشاف القضايا الأساسية في النظرية والبحث والممارسة في العلوم الصحية ، وخاصة الميتافيزيقية والمعرفية التي تتعلق بالمفاهيم الاساسية للصحة والمرض ، ويعالج الأطباء المرضى من أجل مساعدتهم على استعادة صحتهم والحفاظ عليها ، مع إن الخط الفاصل بين المرض والصحة مازال غامض ، والطرق التي تحدد بها المرض والصحة والمفاهيم ذات الصلة ليست مجرد مسائل ذات اهمية فلسفية أو نظرية ، ولكنها حاسمة لأسباب أخلاقية للتأكيد من أن الطب يساهم في رفاهية الناس ، والهدف الأسمى لحياة الإنسان ، ليس فقط اللياقة البيولوجية لتحقيق البقاء والتكاثر دون القيم البشرية الاخرى ، ولهذا الصحة هي التي تمنح قيمة البقاء على قيد الحياة ، وخاصة القدرة على التكيف ضمن مجموعة من الظروف البيئية ، والقدرة على التعافي ، ولذلك تحتمي البشرية بالفلسفة الطبية من الشدائد ، وللدفاع عن نفسها بالاحتماء بالقيم ، وخصوصا في زمن المرض المعولم والمادية المتغولة ، وتسليع الصحة وتحول المرض لمنظومة اقتصادية يتعايش عليها الأطباء ومن حولهم ، وشركات الدواء ومراكز العلاج ، والتأمين الطبي ، وتتنامى بشكل مخيف المناشط الاقتصادية التي في مجملها مسببات الأمراض والاوبئة ومدمرة للبيئة والحياة ، وليس عند هذا الحد بل زادت الأساليب والطرق الإجرامية في استغلال المرضى والمتاجرة بهم وفيهم بكل الأساليب الوضيعه .. في الوقت الذي لم تقتصر فلسفة الطب على الفحص الدقيق للاجسام والكشف عن الأمراض والتخلص من الآلام ، انما تطرح قضايا إيتيقية تهتم بالصحة العامة وتعزيزها ، والحياة الجيدة وقهر الكبر ، والصحة والعافية هي أبعد من الخلو من المرض والاعاقة ، واكثر من التعلم والمعرفة والثقافة بأبعادهم الحديثة مناهج وطرق وإمكانيات متطورة على عتب الابواب رياض ومدارس ومعاهد وجامعات ، ووظائف جاهزة تلبي الرغبات وتناسب المواصفات والقدرات ، وسكن الحالمين الطامحين المدللين في مدن او قرى عصرية حضارية تلبي كل الاحتياجات البيئية والرياضية والثقافية والاجتماعية والترفيهية والاقتصادية والصحية والتعليمية والأمنية ، ولا يزرع أو يصنع أو يباع ما يضر ويؤدي بشر وبيئة وحيوان ، ومحصنة من كل الأمراض ، وكل عمل مُؤدىه مجاز ومؤهل وذو خبرة من الغفير للحاكم ، وماء صالح وهواء نقي ، وقيم ومبادئ إنسانية عظيمة ، وتشريعات وقوانين وسياسات ونظم تضمن الحق في الحياة الكريمة والتنمية المستدامة ، والحماية والعدالة الاجتماعية ، والآمن والامان في كل مناحي الحياة ( الصحي والغذائي والتعليمي والسكني) من قبل الميلاد الى ما بعد الوفاة حياة كريمة تستقبل المولود بمستقبل زاهر موعود ، وتخلد الميت بتأريخ موجود .. وكيف هذا يتحقق لأمة والتعليم والصحة بالتعب والمشقة والغمة ، يكرس الجهل ، وتنشر المرض وكل ماهو ضار ويدمر الأخضر واليابس متاح ومباح ، والشهادات لا علاقة لها بقدرة وخبرة حاملها ، ولا نظام صحي يعزز الصحة ويمكن الناس منها ويحسنها ، ولا تعليم وتدريب يؤهل الممرضة والفني والطبيب ، مع غياب أخلاقيات وآداب المهن ، وانعدام لضوابط العمل ، والضمير شُطِب من القاموس ، والمال سيطر على النفوس ، ولا وجود لفلسفة الطب والحكمة والإنسانية والرحمة ، ولا في الذاكرة أبقراط وابن سينا ، والباحث عن العلاج لمرضه كالهارب من الغولة .. الصحة تمنح قيمة البقاء على قيد الحياة لا لتسليع الصحة