Oct 16, 2024 Last Updated 8:00 AM, Oct 14, 2024

قراءة نغمات النشيج الحزين بكاء اللحظات الأخيرة لطبقة تموت

 

في مقاربة جديدة لرواية ليبية ، كونشيرتو الألم  والإدانة ....!! اللحن الجنائزي الأخير يرافق الارستقراطية الليبية نحو مدفنها التذكاري في عمق التاريخ ..!، ((قراءة في عالم نجوى بن شتوان الفكري))

 رواية  كونشيرتو قورينا ادواردو  للكاتبة نجوى بن شتوان ، الجزء الثالث :  قراءة نغمات النشيج الحزين بكاء اللحظات الأخيرة لطبقة تموت :

بقي ان نقف مع الحدث الرىيسي الذي لونت الوانه كل الاحداث التالية وهو حدث لم يكن لاي شخصية من لحم ودم في الرواية ان تمثله دون مبرر واضح ؛ الحدث الذي اطلق كل الاحداث اللاحقة هو قرار القذافي بتصفية الارستقراطية الليبية تماما وهو قرار نفذه ونجح في اتمامه حرفيا ؛  وقد كانت لي سيرة عائلة مضادة العائلة التي لم تنجح في خلق حياة معقولة ضمن شروط أولى الا ضمن قرارات اتخذها القذافي شخصيا ...!

السكن بالنسبة لعائلتي  كان منحة والعمل منحة والمرتب منحة؛ والسوق العام والجمعية وحتى الطابور كان منحة ؛ المساواة النظرية في شعب بدوي صحراوي كانت منحة ؛ او هكذا  كان الحال يبدو في المخيلة الشعبية التي تسهم في الجزء الرئيس لكل حدث اذ هي صانعة التصورات الكبرى والسرديات الكبرى ؛ ثمة الثمانين في المية من الليبيين عاشوا حياة كريمة نتاجا لقرارات نظام القذافي وان كان هذا لايلغي انه ثمة لكل طبقة حتى وان  كانت هشة روايتها الخاصة للحدث وللتاريخ بشكل عام .

وقد تم لاحقا إعادة احياء هذه الطبقة (( الارستقراطية الليبية )) ولكن على يد برجوازية هشة كانت ناشئة حديثا من نفس رحم نظام القذافي نفسه وليس من خارجه ؛ اعيد  احياء هذه الطبقة لتستخدم كنخب مثقفة تخدم بالاجرة  او مقابل القطعة عند هذه البرجوازية الهشة والمفتتة وحصل كل هذا بعد ثورة فبراير 2011م مع ملاحظة ان هذه المهمة لم تستحدث بعد ذلك التاريخ انما وجدت أصلا قبل ذلك التاريخ بعقد تقريبا حين كان النظام عبر الرؤوس التي نشات في الأعلى يحتاج لمن يلعب دور النخب المثقفة الناقلة للخبرة ذات الطابع البرجوازي ؛ لحظتها كنت شخصيا اواصل النزول نحو اسفل سلم المجتمع الليبي اقتصاديا على الأقل وهناك وجدت سحر الحكاية الليبية وجمالياتها تقبع بعيدا عن انظار النخب البرجوازية الهشة ؛ وان كان لابد من ان نسجل هنا ان التشكلات الطبقية الهشة في ليبيا على امتداد العهود السياسية المختلفة منذ العثمانيين وحتى اللحظة هي نتاج قرارات سياسية ؛ تنشا البرجوازية كما نشات الارستقراطية ( الهشتان )ضمن  حالة الرضاعة الصناعية من ثدي الدولة لا من العمل ولا من مراكمة الثروة ولا حتى من شراء الأرض وتوسيعها فلارض نفسها كانت  لقرون تخضع  لقرار امتلاكها السياسي الصادر من الحكم ومن الدولة ؛ والبدوي بالذات لايملك ارضا وان كان يملك بتجواله الحر كل ارض ...!

لاوجود في الرواية لممثلي النظام ؛ فالقرار ينتقل من التلفاز الى الحياة ؛ حياة عائلة ريم تلقائيا دون ان يمر على يد منفذين بشريين الا في مايشبه الظهور الشبحي مما عنى تكون صورة اسطورية لوحش مخيف يجلس هناك في الظلام ؛ شيطان يصنع الشر ولاشئ غير الشر؛ والى حد ما قد يكون هذا التصور مبررا اذ اعتبرنا حالة الطفلة ريم وكونها لاتدرك بعد حقائق الحياة تماما كما يدركها الكبار لكن ؛ لكن عندما أصبحت شابة في الجامعة لم يعد ثمة مبرر الا قرار الكاتبة نفسها وتدخلها الواعي في الكتابة ؛ وهنا لابد ان اسجل ان تفسيري لاغلب نقاط الغموض والفسحات التي تتخلل الرواية كان في الغالب نتاجا لقرار الكاتبة مما يضيف بعدا رئيسيا لمقولة اننا نناقش هنا عالم نجوى الفكري وليس فقط شخصياتها واحداثها .

والعالم الفكري لنجوى بن شتوان متعدد الأوجه ويتنقل بين محطات حياة البطلة ؛ وان ظل على صلة غامضة ما بحياة الكاتبة نفسها ؛ فقرار انتقاء هذه االبطلة ( الطبقة ) هو في حد ذاته محمل ومشبع بدلالات فكرية ؛ وربما يجوز هنا مقارنة مدى تاثير الجو الفكري الخاص للكاتب في مسالة الكتابة وفي اتخاذ قرارات الكاتب الرئيسية  اذ انني شخصيا اطبع على الكمبيوتر بطريقة لايمكن الا اعتبارها مناسبة للالة الكاتبة القديمة نموذج الاربعينات في حالة همنغواي وشتاينبك فالضربات التي تسقط على لوحة المفاتيح الهشة هي من القوة بحيث توحي انه ثمة كاتب هنا يكتب  ... ثمة اعلان مدوي لايكف عن الدوي  .....!

لامجال للقول بإمكانية الفصل التام بين مايكتبه الكاتب ومايختزنه في عقله سواء عقله الواعي او مايختزنه في لاوعيه هذه الغرف مفتوحة ويجري دائما سيال الفكر بينها دون توقف لا في يقظة ولا في نوم ؛ ثمة دائما شخص تتكامل مواصفاته عبر قرارات الحكي التي يضطر لاتخاذها خاصة اذا حكى عن اخرين ؛ انه يختار انه ينتقي مايستلذ بحكايته لا يختار مايكره ليحكيه والا لانقطع الحكي وتوقف النشيج الحزين  وان كان ثمة حكي اخر يشبه النشيج الحزين  ؛وهنا يمكن موقعة رواية كونشيرتو نجوى بن شتوان انها نشيج حزين يمتد معك طالما انت تقرأ ... وتستمع ..!!

 

أكثر قراءة

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more