Nov 21, 2024 Last Updated 7:25 AM, Nov 21, 2024

المهندسة سلوى بورقيعة: بنغازي مدينة بطابع قروي وهذا ما يميزها منذ القدم. مميز

المهندسة سلوى بورقيعة المهندسة سلوى بورقيعة تصوير/ ابتسام العقوري

اجرت الحوار/ ابتسام العقوري

عُرفت مدينة بنغازي على مر التاريخ بعدة أسماء منها يوسبيريدس، وبرنيتشي، وبرنيق، واستقر الاسم على بنغازي منذ عام 1450م عندما أقام بها الولي الصالح "سيدي غازي"، ومع مرور الوقت تم تحريف الاسم ليصبح بني غازي وجرى على الألسن بعد سنين اسم بنغازي.

تقع المدينة على شبه جزيرة محصورة بين البحر وملاحة السلماني ولا تزال أسوارها قائمة إلى الآن، ومع توالي الحضارات، والدول المستعمرة للمدينة ظهرت مباني لها هوية وطابع خاص، منذ العهد الإغريق مرورا بالعهد البيزنطي، فالإسلامي، فالعثماني وصولا إلى الاستعمار الإيطالي الذي حافظ جاهدا على ما تناقلته الحضارات من تصاميم تقوم على العناصر والأعمدة، وقد بلغ عدد تلك المباني نحو 200 مبان وهذا يعد 10% من جملة ما تم اكتشافه منها.

المهندسة المعمارية بالشؤون الفنية لجهاز إدارة المدن التاريخية سلوى بورقيعة ــ التي تخرجت في قسم الهندسة المعمارية من جامعة بنغازي،  ولشغفها وحبها للمباني الأثرية والتاريخية توجهت للتخصص أكثر في التأريخ للمباني التاريخية الموجودة في بنغازي، فقد وجدت سلوى أن المبنى هو أكبر من كونه مجرد تاريخ، فهو حكاية أناس عاشوا في المكان، والظروف التي مرت بهم، والعوامل التي أثرت عليهم، وأثر الشخصيات التي خرجت منه فيمن حولها.

تقول سلوى في مستهل حديثها: بنغازي مدينة التنوع وتحتوي ألوان العمارة كافة، حيث تأسست بنغازي قبل الميلاد من قبل الإغريق وعرفت باسم يوسبريدس، ثم جاءت برنيقي، وبذلك تحوي بنغازي على حضارتين اغريقتين في ذات المكان، لأن السلطة الحاكمة آنذاك قررت انشاء مدينة أخرى، إلى جانب الأولى، ثم جاء بعدها الرومان، ثم البيزنط ثم الإسلام ثم العثماني ثم الإيطالي، وكون ذلك الخليط، المباني التاريخية في المدينة.

وتشير المهندسة سلوى إلى أن بنغازي هي مدينة بطابع قروي وهو ما ميزها منذ القدم، فهي تستطيع احتواء الغريب ويستطيع أن يذوب ضمن نسيجها، وهذا ما يظهر جليا في المباني التاريخية التي تحكي قصتها، وأستطيع أن أسرد حكاية كل مبنى تاريخي في بنغازي بكل ما فيه، وفيما يرى كثيرون أن حدود بنغازي قديما تقع ضمن حدود كوة الملح، إلا أن بنغازي حدودها قديما أكبر من ذلك فهي تمتد إلى منطقة قنفودة من فترة الإغريق وإلى الآن، وهذا يدل على أن المدينة متسعة ومليئة بالآثار التي لم يكتشف منها إلا 10% فقط.

وتضيف المهندسة سلوى أنه في آخر تسجيل لحصر المباني التاريخية في مدينة بنغازي تم إدراج 200 مبنى داخلها، وترجع المهندسة سلوى عدم معرفة الناس الا بالعدد القليل من هذه المباني تقصير الإعلام، وجهاز إدارة المدن التاريخية، فنحن بحاجة للعمل أكثر من أجل اظهارها والتعريف بها، إضافة الى أن المؤسسة التعليمية لم تعمل بالشكل الصحيح من أجل تعريف الأجيال بهذا الإرث.

وتلفت المهندسة سلوى إلى ضرورة الاستثمار في المباني التاريخية وهي خطوة قد بدأ الجهاز في القيام بها عام 2013م، ولكن بسبب الحرب التي شهدتها بنغازي عام 2014م توقفت هذه الفكرة والخطوات التي كنا نسعى إلى تحقيقها، والآن بسبب الدمار الذي خلفته الحرب صار من الصعب التقدم خطوة أخرى في هذا الجانب حتى من الناحية النفسية.

وعن إعادة الترميم للمباني بعد الحرب تقول المهندسة سلوى: كل المدن في العالم بشكل أو بآخر تعرضت للحرب، سواء حروب عالمية أو حروب داخلية محلية، وأقرب تجربة لنا في ليبيا ويمكن أن نستفيد منها هي تجربة مدينة حلب السورية، يحصل فيها حاليا إعادة اعمار كبيرة، وذلك بأن النية في إعادة الاعمار موجودة لدى الدولة ومن التخطيط، ثم والأهم أن اليد العاملة المؤهلة موجودة في مدينة حلب أساسا، بخلافنا في ليبيا وتحديدا بنغازي لا توجد كوادر متخصصة أو مؤهلة في الترميم، لأنه وعلى مدى 40 عاما الماضية لا توجد أحداث تستدعي تأهيل كوادر في هذا المجال، ولم يكن يوجد من مخططات الدولة الاهتمام بمثل هذه الأمور.

وعن الهوية التي تتميز بها المباني التاريخية في اقليم برقة، وبنغازي تحديدا تقول: نتيجة للاستعمار الإغريقي فهوية هذه المنطقة تميل إلى أكثر إلى ناحية اليونان، وبالتالي يختلف عن الطراز الاندلسي الذي تتميز به دول المغرب العربي وبالتالي طرابلس لأنها الأقرب لهم، فالخمس مدن الليبية ــ "بنغازي، طلميثة، المرج، شحات، سوسة"ــ الموجودة شرقا شكلت اقليما مستقلا مع كريت في العهد البطليمي، وبالتالي فإن الهوية المعمارية تنتمي لتلك المنطقة.

وتؤكد المهندسة سلوى على أن هوية المباني التاريخية في بنغازي: لا ترتكز ولا توجد بها زخرفة بقدر ما ترتكز على العناصر، الأقواس فتحات النوافذ، أشكال الأعمدة، ولكن الزخرفة الموجودة في المباني الاندلسية واستخدام السيراميك، هي موجودة في المغرب العربي وتأثرت بها المباني في مدينة طرابلس.

وحين سألناها لماذا تم صيانة حوش الكيخيا وتزيينه بالزخرفة والسيراميك إذا كانت ليست من هوية المكان أجابت: لقد تم استجلاب شركة مغربية من أجل القيام بالصيانة، وعلى الرغم من أننا ضد الفكرة، ولكن الآن قد شكلت جزء من المكان ولا يمكن انكارها، وفي العموم المباني التاريخية لدينا لا توجد بها زينة وزخرف بقدر ما توجد بها عناصر.

وتوضح المهندسة سلوى هذه النقطة قائلة: حتى الاستعمار الإيطالي عندما جاء لبنغازي، واستحدث مبان اعتمد على العناصر أكثر مما اعتمد على الزخرف، فاستخدم هوية العناصر الموجودة سلفا، وتداخلت المباني في تصاميمها ما بين العربية والعثمانية والإيطالية.

وحول السعي لإدراج ميدان السيلفيوم في صندوق التراث العالمي تقول: تم إدراج الميدان ضمنه، والصندوق هو مؤسسة انجليزية أمريكية، تعمل منذ عام 1966م، وتخصصها وضع علامات على المباني، والمواقع التاريخية والأثرية، التي تحتاج إلى تدخل عاجل، قمت بالتواصل معهم وتم إدراج الميدان الذي عُرف في فترة باسم ميدان 8 أغسطس، ثم ميدان الخالصة، ولكن نحن قمنا بتسميته ميدان السيلفيوم لأنه كان يوجد به شعار السيلفيوم، وهو النبات الأساسي والذي عرفت به برقة منذ القدم.

وعن سبب اختيار الميدان لإدخاله لصندوق التراث العالمي تقول: لأنه يقع في مركز منطقة وسط البلاد بنغازي، وأن الأحداث التاريخية سواء منها على المستوى الاجتماعي أو السياسي كانت امامه، والذي يقع مباشرة أمام شرفة قصر المنار أو قصر الحاكم، وبعد الأحداث التي مرت بها بنغازي مؤخرا كانت الجمعيات الخيرية أو ما تقوم به هو صيانته وإعادة الحياة اليه لأنه يعطي الامل والحياة للمدينة.

 

المزيد في هذه الفئة : الفنادي (في رحاب القصيد) »
 

اشترك في نشرتنا الإخبارية

ليصلك كل جديد من أخبار ومقالات وأخر القضايا الساخنة ... ضع بريدك الإلكتروني هنا

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more