الدكتور/ ميلاد الحاراثي
في المدة القليلة القادمة سوف يُحتفى بالأديب والكاتب والروائي الليبي سالم الهنداوي في تظاهرة ثقافية تكريمية تشهدها مدينة بنغازي الكبرى برعاية أدباءها ومثقفيها وشعرائها.
ويأتي هذا التكريم لحقبة الخمسين عاما من الحرفية، في كيفية التعامل مع الحرف والكلمة والفقرة والنص في خطاب صاحبه مكبلا بالوطن.
فأدب الظاهرة الهنداوية مُصباحها البحث عن المجهول في الذاكرة الوطنية، وإن الماضي في مخطوطاتها تؤسس لمنهج التفكير في مستقبل الهوية الليبية، وأن الماضي هو جزء من الذاكرة الوطنية الليبية
الانتصار المتواصل لقيمة الإنسان خليطه الحب والجمال، وارتباطه بالتاريخ والجغرافيا، والعمل المستمر على الغاء المسافة بين الحب والجمال وبين التاريخ والجغرافيا، لصون الهوية والانتماء والولاء.
والظاهرة الهنداوية تعيد وباستمرار النظر في مرتكز الفهم والمفهوم والمفهمة، باحثا فيها عن مقاصد ومعاني الوفاء في حالة إبداعية منقطعة النظير.
الظاهرة الهنداوية تؤسس أيضا لمسألة التعلم والتعليم الثقافي، في مهمة من أصعب المهام لتأسيس مدرسة في وظائف التعلم والتعليم الثقافي، ويخرج إلينا بنظام تعليمي آخر وهو البديل التعليمي.
الظاهرة الهنداوية في الكتابة والأدب والرواية ليست من تخليق المخايل أو الخيال، لكنها ظاهرة انعكاسية للتجربة، وهي بذلك تؤسس لجنس أدبي جديد لعله، أدب التجربة، وليس بتجربة الأدب الخيالي والفنتازيا.
وفي عوالم الظاهرة الهنداوية نلاحظ الغضب من العقل وحيله وخداعه، فنصوصها تخاطبنا ليس من خلال عقولنا، ولكن من خلال الإدراك والدراية، وذلك لتشكيل ما يعرف بالمعرفة المكانية والمعرفة الزمنية (الزمكان).
ونصوص الظاهرة الهنداوية تقودنا إلى مفاهيم جديد ة في الكتابة، وهي كيف ندرك؟ ولماذا؟ وماذا ندرك؟ وكيف ندري؟ ولماذا ندري؟ وماذا ندري؟ وصولا إلى علم الدراية والإدراك.
وتوحي لنا الظاهرة الهنداوية في نصوصها المختلفة أنها تطارد الزمن، والزمن يطاردها ليل نهار، وصاحب الظاهرة الهنداوية يطارد الزمن بكافة الأسلحة. للبحث عن المجهول والألم المشروع، والألم غير المشروع، والبكاء تارة بالدموع، وتارة أخرى بلا دموع، ولكنه يحتفظ بالبكاء الآخر.
والظاهرة الهنداوية هنا تمثلت في امتلاك الرؤية والحكاية والقصة، بحثا عن كائن جديد يولد من رحم الظاهرة الهنداوية، وهي قيمة القيم وتعظيمها وتمجيدها رافضة منظومة القيم السائدة، فهي وافدة ومسكنة للوعي، في تجربة نحو تحرير الوعي.
ولعمرنا لم نرى كاتبا وأديبا مكبلا بوطنه إلا من خلال الظاهرة الهنداوية في الأدب والثقافة نموذجا للسمو والانتماء والولاء.