على الرغم من تنامي الوعي لدى مجتمعنا الليبي مؤخرا، والتوجه نحو نبذّ كل أشكال التنمر بمختلف أساليبه و أماكن ممارساته، خاصةً في المدارس والجامعات، إلا أنه لوحظ مؤخراً انتشار لما يعرف ب "التنمر الوظيفي"، بين أوساط الموظفين في المؤسسات الحكومية العامة والمؤسسات الخاصة، وما ينتج عن ذلك من مشاكل والنتائج النفسية السلبية التي تؤثر في سير عمل بعض المؤسسات. استطلعت صحيفة الليبي اليوم، آراء بعض الاختصاصيين والمواطنين في هذا الشأن. تعرّف الإخصائية والاستشارية النفسية سعاد المجبري، التنمر الوظيفي بأنه: ميل الأفراد، أو الجماعات لاستخدام سلوك عدواني بشكل مستمر ضد زميل أو زميلة في العمل، أو رؤساء أو مدراء ضد مرؤوسيهم، ويمكن أن يتخذ أشكالاً عدة كالسلوك اللفظي، وغير اللفظي، والاعتداء الجسدي والإذلال ونشر الشائعات. تتابع، وهذا النوع من التنمر في العمل اتجاه الموظفين يجعل رؤساء العمل يستخدمون وسائل مختلفة للمضايقة، بالتسلط والقسوة والهيمنة والتعنيف لدرجة أن عدداً لا يستهان به من الموظفين قد يجبرون نفسياً، وقهريا، علي ترك أعمالهم بتقديم استقالة أو أخد إجازة بدون مرتب، أو الانتقال من قطاع آخر لجهة عمل أخرى. "حيث لاحظنا من خلال تردد العديد من الحالات التي تأتي للحصول على الاستشارة النفسية، فإن اغلب الأشخاص الذين تعرضوا للتنمر أو المضايقة، يعانون من عدم الثقة بالنفس والشعور بالتوتر والقلق والشعور بالضيق والانقباض وكثرة الشعور بالألم في المعدة والقولون واضطرابات في النوم وفقدان الشهية لأكل وعدم الرغبة في العمل.
هو ضحية خبرة مؤلمة
وتوضّح المجبري، بأن الشخص الذي يقوم بالتنمر هو في حقيقة الأمر يعاني من اضطرابات في نمط شخصيته، ولديه مشاكل نفسية يحتاج إلى معالجة لأنه في أغلب الأحيان هو ضحية خبرة مؤلمة تعرض لها في حياته فتولد لديه هذا السلوك المضطرب اتجاه الآخرين
و تعرض الإخصائية النفسية سعاد المجبري بعضا من أساليب التنمر الوظيفي: كالاتهام زوراً وبهتانا ًللشخص بأخطاء لم يفعلها، نشر الشائعات المدمرة أو القيل والقال عن الشخص، واستخدام معلومات سرية عن شخص للإذلال على نحو خاص أو علني. تعتبر المجبري، بأن غياب الرقابة من الجهات العليا في المؤسسات سواء كانت حكومية أو خاصة، وجهل الموظف بحقوقه المتاحة له ضمن القانون، مسببا رئيساً في انتشار ظاهرة التنمر في أروقة العمل، كذلك غياب القانون الملزم بحفظ حقوق الموظف وعدم الاعتداء عليه، وتشير الإخصائية النفسية إلى بعض النتائج النفسية جراء التعرض للتنمر الوظيفي: كإصابة الشخص بمشكلة سرعة الانفعال. الإصابة بمشكلة اضطراب النوم والخوف. فقدان الثقة بالنفس
اكتئاب الموظف وشعوره برغبة كبيرة بترك العمل
وضعف القدرات الذاتية للشخص. التعرض لنوبات شديدة من الصداع النصفي والاجهاد. التعرض لمشكلة ضعف الذاكرة وعدم القدرة على التركيز. زيادة المشاكل الأسرية. الانطواء في العمل وعدم الرغبة في الاختلاط مع الآخرين الإصابة بنوبات توتر وقلق. تتابع "بالإضافة إلى شعور الشخص المستهدف أو الضحية بأنه منبوذ وغير محترم من قبل الاخرين في العمل، تراجع الروح المعنوية للشخص الضحية وغياب روح العمل الجماعي، ضعف العلاقة بين زملاء العمل، تدني الكفاءة المهنية في العمل، اكتئاب الموظف وشعوره برغبة كبيرة بترك العمل. ارتفاع مستوى التوتر، وتدنّي الإنتاجي.
تضع الاستشارية النفسية سعاد المجبرى عدة نصائح للتعامل مع الشخص المتنمر بمواجِه المتنمّر بالحقائق، في حال كانت الضحية مضطرًة للتعامل مع زميل عمل متنمّر، أم مدير متنمر، يجب أن يؤمن الشخص نفسه بالكثير من الحقائق والدلائل لتقدمها للمدير أو المسؤول المباشر عنه في أوقات الضرورة، كالاحتفاظ بنسخ عن الرسائل التي يُرسلها له، والاحتفاظ بكل الوثائق التي تخص العمل والمشاريع التي يقوم بها. تتابع ، "لا تتأخر بطلب المساعدة في حال ازدياد الأمر، وفي حال بدأ عملك يتراجع بسبب تصرّفات زميل العمل المُتنمّر، عليك ألّا تتردد بطلب العون، من المدراء والمسؤولين، كأن تطلب منهم الانتقال إلى مكان آخر أو مكتب آخر، أو التصرّف بشكلٍ حازم مع المتنمّر. العقلي والفكري.
ليس هنالك أي مادة تجرم فعل التنمر
ومن الجانب القانوني توضح المحامية أمال المغربي، أنه في القانون الليبي ليس هنالك أي مادة تجرم فعل التنمر، مالم يكن اعتداء جسدي بشكل مباشر، ولكن يستطيع الشخص الذي وقع عليه التنمر في بعض الحالات الخاصة قيامه برفع دعوة مدنية، أو ما يعرف بالتعويض المدني، ويطالب عن طريقها بدفع تعويضات ماليا، ولكن يكون من الصعب اثبات وقوع الحدث. توضح "يمكن في بعض الحالات أن يلتجأ الشخص للقضاء إذا وجهت له اتهامات كالقول له بأنه" مرتشي، أو مبدد أموال، أو سارق".
تعرضت للتنمر من قبل رئيسي في العمل
صحيفة الليبي اليوم استطلعت آراء بعض من الموظفات اللاتي تعرضن للتنمر في مقر أعمالهن، فتحدثت بغضب وحنق كبيرين الموظفة بشركة حكومية عامة "إيمان سعيد" عن امتناع مدير عملها بترقيتها ومنحها درجة أعلى ومكانة استحقتها بسبب أقدميتها في الوظيفة فقط لأنها امرأة حيث قال لها مديرها بأن أغلب الموظفين هم من الرجال والذين لن يرضوا أن تكون رئسئتهم امرأة وتم تعيين شاب أصغر منها سناً وأقل خبرة فقط لهذا السبب.
من جهتها تعبّر الموظفة في جهة إعلانية حكومية "أسماء علي" تعرضت للتنمر من قبل رئيسي في العمل وليس من الزملاء حيث كلفت بمهام قسم جديد وكنت بمثابة المتدربة ولكن سرعان ما يجد فرصة حال وقوعي في خطأ ما وينهال عليَّ بالإهانات والتوجيهات القاسية أمام زملائي بالعمل فما كان لي إلا أن أترك العمل نهائياً لأتقدم لجهة عمل أخرى بنفس الوظيفة والمفارقة أنه تم تكليفي برئيسة قسم بعد اقل من شهرين من قبولي.
تقول الموظفة"ف،م" التي فضلت عدم ذكر اسمها "أشعر بتعرضي للتنمر ولكن الأمر الصعب أنني لا أستطيع أن أثبت هذا ولا أن أواجه من يقومون بالتنمر عليّ، والذين تعددوا من مدير و مدراء أقسام أخرى ليس لهم أي علاقة بمهام عملي،ولكنهم يتدخلون فيه ويقومون بإطلاق الشائعات علي واتهامي بأمور لم أقم بها، وعندما أذهب لأواجهه يقول لي هم الذين قالوا لي هذا ،لأبادر بالسؤال من هم فلا يجيب على ذلك، أكثر ما يغضبني أنني وبالرغم من بذلي أقصى درجات جهدي لإنجاز عملي وأحياناً أكثر مما هو مطلوب مني، أنني لا أمنح ما أستحقه بالرغم من تمتع من هم أقل مني مستوى مهني بعلاوات أكثر ومميزات عدة هذا الأمر جعلني غير متحمسة لأن أعمل وأقوم فقط بما هو مطلوب مني بدون أي إبداع أو إضافة جهد آخر. "
لا أفهم سبب عدم رضاهم
صفاء محمود" من أب غير ليبي، تقول أتعرض يومياً وبشكل غير متناهي بسبب كوني غير ليبية، فكثير من زملائي فور علمهم بذلك يقومون بالسخرية مني، بطريقة غير مباشرة كقولهم: في شباب ليبيين غيرك عاطلين عن العمل أنت "احمدي ربك لأنك تشتغلي معانا"، لا أفهم سبب عدم رضاهم كوني وجدت فرصة لأحصل على رزقي، فنظرات الازدراء منهم والخوف الذي ي من أن يتم استبعادي من عملي، أتمنى أن أشعر بالأمان فقط هذا ما أطلبه.