تقرير: مريم عوض العنيزي

تحتفي الحركة العامة للكشافة والمرشدات في ليبيا بمرور 71 عامًا على تأسيسها، مؤكدةً استمرارها في أداء رسالتها التربوية والاجتماعية رغم التحديات التي تواجهها. فمنذ أن أطلقها القائد الراحل علي خليفة الزائدي عام 1954، أصبحت الكشافة الليبية جزءًا أصيلًا من المجتمع، تسهم في تنمية الشباب وتعزيز القيم الإنسانية، مستلهمةً مبادئها من الحركة الكشفية العالمية التي أسسها اللورد روبرت بادن باول بعد تجربته في جنوب إفريقيا أثناء حرب البوير. بدأت الكشافة الليبية مسيرتها في 2 فبراير 1954 بقيادة علي خليفة الزائدي بمدينة طرابلس، وسرعان ما توسعت إلى بنغازي وسبها، حتى باتت اليوم منتشرة في مختلف أنحاء البلاد. ورغم دعمها من قبل الملك إدريس السنوسي باعتبارها وسيلة لبناء جيل واعٍ ومسؤول، إلا أنها واجهت تحديات عديدة، خاصة خلال حكم معمر القذافي الذي ضيّق على أنشطتها وقلّص دورها. وخلال مسيرتها، حققت الكشافة الليبية إنجازات بارزة، حيث نالت الاعتراف الدولي بانضمامها إلى المنظمة العالمية للحركة الكشفية عام 1958، وشاركت في العديد من المخيمات الكشفية العربية والدولية، منها المخيم الكشفي العربي الثاني بالإسكندرية عام 1956، حيث حصلت على المركز الأول. كما توسعت أنشطتها لتشمل فئات عمرية مختلفة، فتم تأسيس فرق الأشبال عام 1957، وإنشاء أول فرق للمرشدات في بنغازي وطرابلس عام 1958، ما ساهم في توسيع قاعدة المشاركة. ولم يقتصر نشاطها على الداخل، بل استضافت ليبيا عام 1962 مؤتمر مفوضي العلاقات الخارجية للدول الكشفية، مما عزز حضورها على المستوى الإقليمي والدولي. رغم هذه الإنجازات، تواجه الكشافة الليبية تحديات عديدة، في مقدمتها الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة التي تعيق تنفيذ الأنشطة بانتظام، إلى جانب نقص الموارد المالية، مما يؤثر على قدرة الحركة في تمويل برامجها التطوعية. كما تعاني بعض مقراتها من الإهمال والتلف بسبب النزاعات، ما يستدعي جهودًا إضافية لإعادة تأهيلها، مثل مشروع إعادة إعمار بيت المرشدات في بنغازي. وفي هذا السياق، أكدت القائدة هدى بوشاقور، مفوضة قطاع خدمة وتنمية المجتمع لمرشدات ليبيا، أن هذه التحديات لم تثنِ الكشافين عن الاستمرار في أداء رسالتهم، حيث يعملون على تطوير مهاراتهم وتعزيز حضورهم المجتمعي رغم الصعوبات. تستعد الكشافة الليبية للاحتفال بالذكرى الـ 71 لتأسيسها في الأول من فبراير 2025، عبر سلسلة من الفعاليات التي تسلط الضوء على تاريخها وإنجازاتها. وأوضحت بوشاقور أن الاحتفالات تتضمن إيقاد شعلة الكشاف التي تنطلق من ميادين المدن الليبية مثل ميدان الشهداء في طرابلس، لتجوب الشوارع وصولًا إلى مقر القيادة العامة، حيث يقام الحفل الرسمي. كما ستنظم استعراضات كشفية في الميادين، تعرض من خلالها الفرق الكشفية مهاراتها وانضباطها، إلى جانب إقامة معارض توثيقية تستعرض تاريخ الحركة عبر الصور والوثائق، فضلًا عن تنظيم حملات تطوعية تشمل التشجير، تنظيف الأماكن العامة، والتوعية الصحية، تأكيدًا على الدور المجتمعي للحركة الكشفية. ورغم التحديات، تواصل الكشافة الليبية تطوير برامجها لتعزيز دورها التربوي والاجتماعي، حيث أوضحت بوشاقور أن خطط الحركة تشمل توسيع برامج التدريب لتشمل مهارات حياتية مثل الإسعافات الأولية والتخييم، إضافة إلى تعزيز الأنشطة البيئية عبر حملات التشجير وحماية البيئة، وتوسيع المشاركة الدولية من خلال المخيمات الكشفية والمؤتمرات، فضلًا عن إعادة تأهيل البنية التحتية وبناء شراكات مع المؤسسات التعليمية ومنظمات المجتمع المدني. بعد سبعة عقود من العطاء، تثبت الكشافة الليبية أنها ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل مؤسسة تربوية واجتماعية تسهم في بناء جيل قادر على مواجهة التحديات، متسلحةً بقيم التضامن والعمل الجماعي. ومع احتفالاتها بذكرى تأسيسها، تجدد العهد بمواصلة رسالتها رغم كل الصعاب، رافعةً شعارها الدائم: "كن مستعدًا".