للأسف الشديد لغياب الرقابة الصارمة الاستباقية والمصاحبة واللاحقة ، وتطبيق القوانين النافذة يجعل من الدولة غارقة بالسلع الغذائية المعدلة وراثيا ، والمنتهية الصلاحية والمسرطنة ، والاغذية المحسنة والمصنعة مخالفة للمواصفات والمقاييس الصحية ، ناهيك عن مصادرها والجهات الموردة لها وطرق استجلابها وتخزينها ومناولتها وعرضها وبيعها ، والكم الهائل العشوائي من المطاعم والمقاهي ، ومحلات ومنافذ بيع الأكل بدون رقابة حقيقية عليها ، أو تراخيص ومتابعة دقيقة لمعظمها ، وبيع السجائر الضارة صحيا واغراق السوق بالمهربة والأكثر ضررا ، والمخدرات وكمياتها وانواعها وفق النشرات الرسمية عن الضبطيات ، وناهيك عن المياه الغير صالحة للشرب ، وزراعة الخضروات خارج المواصفات والضارة بالصحة والبيئة والحيوان ، وتربية وتجارة الطيور بمخالفة المعايير الصحية ومنها الدواجن والبيض نظرًا للهرمونات والأدوية والاعلاف المستخدمة دون رقابة صارمة عليها والضارة بصحة وحياة الناس ، والتلوث الذي يطال البر والبحر والجو دون تدخلات حقيقية للإصحاح البيئي ، وعدم وجود انظمة صحية صحيحة لمعالجة المخلفات والنفايات بجميع انواعها ، ولا وجود لصرف صحي سليم وصحيح لمعظم المدن والقرى في البلاد ،
وما تعرضت له البلاد لجميع أنواع الأسلحة ولم تُستني مدينة لم تسقط عليها اطنان من الدخائر المدمرة للإنسان والأرض وماعليها ،
والبلاد للأسف تعج بالهجرة غير الشرعية والعمالة الوافدة دون ضوابط وإجراءات صحية صحيحة ، وانعدام الخدمات الصحية الوقائية والرعاية الصحية الاولية ، وبرامج الكشف المبكر ، والبرامج التوعوية ، والمرضى الغلابة المصابون بالأورام يشدوا الرحال بعد استفحال حالتهم لبعض دول الجوار لصورة مسح ذري او جرعة يود مشع او لجرعات الكيماوي او المناعي او العلاج الهرموني او الموجه ، أو حتى لبعض التحاليل وبعض التدخلات الطبية ، ويتكفل المريض ومرافقيه ثمن التشخيص والعلاج وتذاكر الطيران ومشاق السفر والاقامة والإعاشة ، مما يضطر الكثير منهم أن يبيعوا املاكهم ويستدينون من القريب والغريب.
في الوقت الذي معظم أجهزة الأشعة والمعامل بالمستشفيات الحكومية لا تعمل وهي جديدة أو مجددة ، وأجهزة التشخيص الحديثة والمتقدمة للأورام السرطانية المختلفة غير متوفرة ، وإن توفر بعضها فلا تعمل ، وهذا حال الأدوية والمستلزمات، وعدم وجود النظم الصحية السليمة لتشخيص وعلاج ومتابعة حالات الأورام وتقييدها في سجلات وطنية ، وإجراء البحوث والدراسات العلمية عليها ومعرفة تنوعها وإنتشارها وطبيعتها وأسبابها ، وطرق الوقاية منها وأنجع الطرق والأساليب لعلاجها ، وغياب التنسيق والتكامل بين الاقسام او المراكز المعنية ( جزر متناثرة ) ..
والمبالغ التي أُنفقت على العلاج في الخارج في مصحات خاصة لا ترقى لمستوى المجمعات الصحية الليبية على حالات جلها بالإمكان علاجها في الداخل ، والمبالغ تعالج في الداخل مئة ضعف من تلك الحالات الموفدة للخارج، ومع عدم قيام ألدولة بتوفير الدواء اتاح للسماسرة بإغراق البلاد بأدوية الكونترا المزورة والمغشوشة والمهربة الغير صالحة للاستخدام .
و 90% من المرضى ينفقوا من جيبوهم الخاصة على العلاج الذي أرهقهم وقضى على مدخراتهم ، وجعلهم يبحثون عن العلاج في الأماكن التي تناسب قدراتهم المادية ، وصاروا سلعة تتجاذبها بورصات وأسواق العلاج المنتشرة في الداخل والخارج .
وإن ما يتم إنفاقه رسميًا على قطاع الصحة في الداخل والخارج هي من أموال الليبين وليست أموال دافعي الضرائب أو الانشطة الاقتصادية أو هبات أو معونات من أحد في الداخل أو الخارج ، لان والحمدلله ليبيا دولة نفطية وهذه ثروات كل الليبين على حد سواء.
وللأسف رغم كل الإمكانيات يتم استجداء العلاج من جميعات اهلية لم نراها حتى زمن الفقر والاستعمار ، في الوقت الذي تخصص فيه ميزانيات ضخمة للصحة تكفي لعلاج مئات أضعاف المرضى الليبين ، وفي مستشفيات يجب أن يعمل بها أمهر الأخصائيين في جميع التخصصات الطبية ، ومجهزة بأحدث التقنيات والتكنولوجيا المتطورة في التجهيزات الطبية ، وتمريض مجاز ومؤهل تأهيل عالي وعلاج بأحداث الطرق والأساليب والبرامج والأدوية ،
وبهذه الميزانيات المخصصة فعليًا تجعل من النظام الصحي الليبي من اقوى الانظمة الصحية العالمية الذي يحقق التغطية الصحية الشاملة والوقاية التامة من الامراض لكل الليبين والمقيمين والزوار ، ولا ينتظر المجتمع عقد الندوات واقامة الملتقيات لاستعطاف من كان مسؤولًا أو رجل أعمال أو ناشط أجتماعي ، لطلب العون والمساعدة لمرضى أُصيبوا بأمراض كان بالإمكان تجنبها ، أو أكتشافها مبكرا وعلاجها مبكرا بكل سهولة ويسر وآمان لكل الناس في جميع الاماكن بنفس الجودة العالية دون تأخير ولا تمييز ، ولا ترهق المواطن ماديا أو نفسيًا ، وتحافظ على كرامته والحصول على حقه في الصحة .
(*اللي نعرفه عن السرطان*) هو مرض مرهق وصعب ومكلف ويمكن الوقاية من الكثير من أنواعه وإمكانية الاكتشاف المبكر له ، والعلاج المبكر لمعظم أنواعه .
وإذا قامت الجهات المسؤولة التشريعية والتنفيذية والرقابية بدورها الأساسي بجدية وصرامة وعزم وتوفرت الإرادة القوية ، والإدارة الرشيدة ، والحوكمة والشفافية ، ووضعت السياسات والاستراتيجيات والخطط والبرامج الكفيلة بتحقيق متطلبات الحماية الاجتماعية ، والمحددات الصحية ، والتنمية المستدامة سوف تتحق للمجتمع المؤشرات الصحية العالية ، ويتحقق الرفاه الاجتماعي والصحة والعافية والسلامة لكل الليبين ، ولكل من يعيش في ليبيا أو يزورها، دون الاستجداء او المن من أحد.
*السرطان الخبيث هو غياب الإرادة وفشل الإدارة* حفظ الله بلادنا وأمتنا من أنفسنا.