إنّهُ لَمِنَ البَديهيِّ أنْ لا تَقَدُّمَ للأممِ والأوطانِ إلا بِسواعدِ أبنائِها، ولا قوّة لها إلا بقوّتِهم، وخاصّة الشباب، فهُم عِمادُ الأممِ، وذِخرها، وسنَدها، وهُم سلاحُ الشعوبِ، وسواعدِ البناءِ، ومَوضِع العطاءِ، ومِن هُنا يَجِب أنْ تتظافَرَ جُهودُ المجتمعِ بِكلِّ مَا يُجنّبُ شبابَنا وأبناءنَا مَخاطِرَ المخدِّراتِ، والإدمانِ عليهَا.
-وَلا نَنسَى دَور الآبَاءِ، والأهَالي، والمُؤسَّساتِ التعليميّةِ في المتابعةِ، وإجرَاءِ التّحاليلِ في حالةِ الاشتِباهِ في أيّ شخص، حتّى يَتمَّ الحِفاظ على الأبناءِ مِن هذهِ السُّموم.
-فَالمخدِّراتُ -باختلافِ أصنافِها- تَجعل مُتعاطيهَا يهذي، ولا يفرّق بينَ الحلالِ والحرامِ،ولا بينَ القَبيحِ والمليحِ، إذْ يبكي بلا سببٍ، ويضحكُ من غير عَجب، فتجعلهُ أضحوكةً بعدَ أنْ كانَ ذا شأن.
-رَحِم الله عديّ بْن حَاتمٍ، إذْ قِيل لهُ:"مالكَ لا تشربُ الخمرَ؟ فَقالَ: مَا أحِبُّ أنْ أصبحَ حكيمَ قَوْمي وأُمْسي سَفيهَهُم".
_وَإنَّنا لَنسمعُ بِقِصصٍ نَحسبُها مِن ضَربِ الخَيالِ، ولكنّها في حياةِ المُتعاطِينَ، وَالمُدمنينَ واقعٌ، وحقائقٌ يندي لَها الجَبين، ولكنْ في الحَقِيقةِ مَا مِنْ حكومةٍ قامتْ بالسيطرةِ الكاملةِ على حُدودِها، وعَلى جَميع أنوَاعِ التهريبِ أيضًا، كالهِجرةِ، وتِجارةِ السّلاحِ، والمخدّراتِ، والوقودِ التي تمُرُّ عبرَ حُدودِها.
-إذًا بِبساطةٍ لَمْ تَتوّفر الحَوافز لِلقيامِ بذلكَ على الإطلاقِ، سَواء بالنسبةِ إلَى مَسؤُولي الحكمِ المَحلِّيِّ أو الشّعب، بل أنَّ إهمالَ الحكوماتِ، أوْ مُمارستَها للتميِيزِ، دفَع بَعض القبائِل الحدُوديّة، المَحرومَةِ من الاستفادةِ منَ الاقتصادِ الرسميّ، إلى الانخراطِ في التجارةِ غَيرِ الرَّسمية-التَّهريبُ بِجميعِ أنواعِه-.
-إنَّ مَسؤولي الحُكمِ المَحلّي، الذينَ كانَ أغلبُهُم محرومينَ أحيانًا مِنَ التّرقياتِ الوَظيفيّة المجزيةِ في الحكومَة، يُشاركون في هذا الأمرِ، بِسببِ الإغراءاتِ الماليّةِ، والأرباحِ التي يحقّقُونَها مِنَ التّجارةِ الغَير مَشروعَة.
