Nov 21, 2024 Last Updated 7:25 AM, Nov 21, 2024

لماذا لا تمارس النساء فعل التفلسف، وهل هن مجرد تابع للفلاسفة؟ مميز

وداد الشكري وداد الشكري تصوير/ ابتسام اغفير.

التقتها/ ابتسام اغفير

علاقة النساء بالفلسفة علاقة غير ناجحة أو أن الفلاسفة الذكور لم يريدوا لهذه العلاقة أن تنجح، وقالوا إن فعل التفلسف والدهشة لا يناسبان المرأة التي ينحصر دورها في فعلي الإنجاب واشباع الرغبات الجنسية للرجل، وبحسب فيلسوفات معاصرات علاقة النساء بالفلاسفة علاقة غير سوية بحسب ما طرحهن في كتابهن الجماعي المعنون: "النساء من أفلاطون إلى دريدا".

نسبة الإناث إلى الذكور في قسم الفلسفة تتجاوز 90% ونسبة عضوات هيئة التدريس مقارنة بالرجال وصلت الى 60%، وعلى الرغم من هذه النسبة المرتفعة لتواجد النساء في القسم إلا أن من يمارسن فعل التفلسف في الواقع تكاد تكون صفر، فلماذا يتوجهن النساء لدراسة الفلسفة؟ ولماذا لا يستطعن ممارسة فعل التفلسف في الواقع هذا ما تجيبنا حوله الأستاذة وداد الشكري طالبة الدراسات العليا بقسم الفلسفة جامعة بنغازي:

كان دخولي لقسم الفلسفة محض صدفة، ولم يكن في مخططاتي دراستها، خاصة بعد قراري باستكمال دراستي الجامعية، بعد أن كبر أولادي وتفرغت لنفسي، فقد وضعت نصب عيني أن أتوجه لدراسة علم الاجتماع ولكن لحسن الحظ أنه لم يتم قبولي في القسم لأني تأخرت في التسجيل، واقترحوا علي أن التسجل بقسم الفلسفة لأتجهز للتسجيل في القسم الذي أريده الفصل القادم بعد ان أقوم بتصفية المواد العامة، ولكن بمجرد أن درست الفلسفة دخلت في حالة عشق معها وقررت مواصلة الدراسة بها، وأشارت وداد إلى أن سبب مواصلة دراستها بالفلسفة فتحت مداركها، ووسعت آفاق تفكيرها، فالفلسفة ليست بالعلم الهين السهل.

 وردت وداد الشكري حين سألناها كيف تحلت بالجرأة لتدخل قسم الفلسفة خاصة وأنه عادة ما يرتبط في ذهن المجتمع بأنها هي والالحاد مترادفات: أنا أنظر إلى الفلسفة كعلم فهل العلم ملحد أو لديه ديانة معينة؟ هي علم ليس لديه انتماءات لا جنسية ولا عقائدية ولا حتى دينية بغض النظر عن التخصصات التي تدرسها فيما بعد.

وتواصل: فيما يخص مسألة الإلحاد فإن الفلاسفة مؤمنين بالله افلاطون، ارسطو، كانط، ديكارت، ابن رشد، ابن سينا، فالفلسفة هي تفكر وتدبر ولا تجعل عقلك في حالة جمود، وتلغي أن تكون تابع لغيرك وأن تصبح مجرد متلقي، فالفلسفة هي عقلنة الأشياء، هي عقلنة الفكر.

وعن أسباب انتشار هذه الفكرة في المجتمعات تقول وداد: لقد تم الهجوم على الفلسفة سواء من العوام أو المثقفين، ومن لم تسر على نهجه وهواه، وحتى الفلاسفة فيما بينهم اختلفوا في المنهج والتفكير الفلسفي الخاص بهم، فهناك فلاسفة ملحدين، وهناك عقلانيين، وهناك التجريبيين، وهذا الاختلاف قد يدعو إلى القاء التهم فيما بينهم، وبذلك نحن لا نلوم على العوام الذين ينظرون إلى الفلسفة على أنها رديفة الالحاد.

وقالت وداد حول عدم بروز أسماء نسائية في عالم الفلسفة: السؤال هنا قد يجعلك تصابين بالدهشة! كيف أن هناك أقلية من النساء لم يمارسن فعل التفلسف؟ لأن المؤسسات الفلسفية في حد ذاتها لها أبعاد، فالفعل الفلسفي يميل للذكورية أكثر، بدليل أنه أغلب الفلاسفة عندما تحدثوا وخاطبوا في كتبهم إنما خاطبوا الذكور فقط، على الرغم من أنه عندما تقرئين لهم تظنين أنهم يخاطبون المرأة أيضا، ولكن برؤية أكثر عمقا نجد أنهم يخاطبون الذكور فقط.

ولفتت أن الفلاسفة لديهم انحياز ذكوري والتفوق الذكوري في مؤسساتها، لذلك كانت الفيلسوفات قليلات، وهناك كتاب اسمه: "النساء من افلاطون إلى دريدا"، كتبته مجموعة من النساء، فقلن أن هناك نساء يتبعن الفلاسفة فقط، حتى أن هناك ما يسمى بالفلسفة الكلبية، ولكن هناك أسباب واضحة وراء تغيب المرأة عن فعل التفلسف، وهي أسباب مقصودة، تتخلص في الثنائية أي أن هناك أنثى وهناك ذكر.

وأشارت إلى أن: ما يرونه من مؤنث ومذكر خلق نظرة نقص للمرأة الفيلسوفة، حيث كان ينظر الفلاسفة القدامى للمرأة على أنه آلة للإنجاب، أو جسد لإشباع غريزة الرجل، فقط لا غير، ولم يكونوا ينظرون لها كعقل أو كفكر، وإعمال الفكر هذه وظيفة يختص بها الرجل دون غيره، مع إنه من وجهة نظري المرأة الفيلسوفة لديها انفتاح أكثر ولديها نظرة صحيحة وسليمة للواقع الذي تعيش فيه.

وأكدت وداد على أن: الفلاسفة دائما ما يؤكدون على أن من تمارس فعل التفلسف سوف تصاب بالقبح وخشونة الذكورة، وهذا ما يحدث في مجتمعنا عندما تخرج المرأة عن التفكير غير المألوف وعن الموروث ولا تكون مخالفة في تفكيرها للعقل أو النص، فينظرون لها نظرة غير صحيحة وينفر منها الجميع.

وفي معرض حديثها أشارت وداد إلى ما فضحته الفيلسوفة سارا كوفمان من خلفيات ما يسمى احترام النساء، بأنه على المرأة المفكرة أن تتبع فيلسوف، وأن الرجل مثلما قال جاك دريدا يمكنه أن يكون فيلسوف وأب، ولكن المرأة لا يمكنها ذلك، بينما يرى ابن رشد أن الرجل والمرأة هما نوع واحد، في درجة العقل ويمكن للمرأة أن تتفوق على الرجل في كثير من المجالات، وأن الفرق يمكن في البنية الجسدية فقط، لذلك فمن الضروري أن تتلقى نفس التربية التي يتلقاها الرجل.

وفي المقابل هناك فلاسفة معاديين للمرأة من هؤلاء هو شوبنهاور وهو يتهمها بالفسق والفجور نتيجة للبيئة التي عاش فيها وانعكاسا لحياته مع والدته، كذلك نظرة كانط كان معادية للمرأة فهو يرى أن الرجل فقط من يمتاز ويمتلك عقل، والمرأة لا تفكر وإنما هي مجرد امرأة فقط لا غير، وأضافت وداد أن: هناك نساء عرفن في عالم الفلسفة منهن حنا أرنت، سيمون وايل، سيمون دو بوفوار، ونوال السعداوي وكيف تم مهاجمتها وتم وصفها بالإلحاد، على الرغم من أنه كثير من كتاباتها تسلط الضوء على واقع نعيشه كل يوم.

وعن سبب اختفاء النساء الفيلسوفات في ليبيا تحديدا على الرغم من تبحرهن ومعلوماتهن الغزيرة في الفلسفة تقول وداد: هناك البيئة الصغيرة وهي الأسرة وما يكتنف هذا العالم من مشاغل بالأبناء والزوج ومتطلبات البيت، وهناك أيضا البيئة الأكبر وهي المحيط الأسري والمجتمعي الذي لا يشجع ولا يتقبل المرأة الفيلسوفة، ومتى ما تخصصت في الجامعة تتحصل على شهادة من أجل الوظيفة ولكن ليس من الضروري ممارسة فعل التفلسف.

وأكدت وداد على ضرورة قيام النساء بفعل التفلسف ونشر هذا الفكر في المجتمع لأنه عبارة عن وعي يتم نشره في كل المحافل والمنابر، ونمارس الضوابط فنحن لا ننادي بالخروج عن النقل والعقل والدين الإسلامي، لابد من نشر الفلسفة والتحلي بأن نخلق أفكار فلسفية خاصة بنا بعيدا عن النقل عن الآخرين.

 

اشترك في نشرتنا الإخبارية

ليصلك كل جديد من أخبار ومقالات وأخر القضايا الساخنة ... ضع بريدك الإلكتروني هنا

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more