هناك اهتمام ملحوظ ومتزايد في المؤسسات الإعلامية الغربية وحتى العربية باقنية الذكاء الاصطناعي ومحاولة دمجها بقوة في وسائل الإعلام فالاحصاءات تشير إلى أنه من المتوقع على مستوى العالم إنفاق ماقيمته 127 مليار دولار على استثمارات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي السنوات المقبلة اضافة إلى حجم الارقام الحالية المطروحة والمتدوالة في سوق الإعلام الذكي لذلك نرى إن 75% من المنصات الصحافية والإعلامية الغربية والعالمية التي تعمل اليوم تحولت إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى وهذا سيعكس تطورا هائلا في مستوى الخدمات التى تقدمها أنظمة الذكاء الصناعي لخدمة مجالات الإعلام المختلفة وقد بدء بالفعل في بعض المؤسسات الإعلامية الاستغناء عن وظيفة المراسل بنسبة 15% لصالح مستويات الأتمتة، في حين نسبة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمل المحرر وصلت إلى 9%، قابلة للزيادة مطلع كل يوم، وفي الصين وحدها حققت مديعة ذكاء صناعي مليار مشاهدة في عضون ساعة من تقديمها لنشرة الأخبار.
وبالنظر إلى هذه التطورات الهائلة في تقنيات وسائل الإعلام فإن " النت فليكس Netflix " صرعة جديدة وتطور تكنولوجي سيفقد التلفزيون التقليدي احتكاره لأنتاج الأعمال الدرامية وتستعد شركات جوجل وأمازون ومايكروسوفت للمنافسة فيه وهي منافسة ستفرض على العالم شكلا جديدا من الإنتاج التلفزيزني "النت فليكس" تجربة تلفزيونية خاصة متاحة في أية وقت تقدم الأعمال الدرامية دون فواصل إعلانية.
واسترعى انتباهي مايتقاضاه خريجو الصحافة في الدول الاوروبية حسب دراسة اعدها موقع degree.query والذي ذهب إلى أن خريجو الصحافة في اوروبا يتقاضون مامقداره 56,340 الف دولار أمريكي كمتوسط دخل سنوي ومن المتوقع أن تتزايد هذه النسبة 6% بحلول عام 2026، ويعتبر تخصص الصحافة والإعلام حسب نفس الموقع واحدا من أعظم خمسين تخصصا مستقبليا من بين آلاف المهن والتخصصات.
وعلى مايبدو أن شبكات الجيل الخامس فتحت الباب على مصرعيه أمام التحول في أساليب الممارسة الإعلامية استنادا إلى التقنيات الحديثة والتى بات جزء كبير منها يتحول تدريجيا نحو تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ويدفعنا نحو تقنيات أخرى اصحبت أدوات يمكن أن تستغل ويستفاد منها إعلاميا كتقنية الواقع المعزز والواقع الافتراضي وتحليل البيانات الكبيرة والخورزميات والاجهزة القابلة للارتداء وتقنية البلوك تشين.
وفي تصوري أننا والعالم يسارع الخطى أمامنا دون أن نحرك ساكنا أصبحت الحاجة ملحة إلى تبني التحول في نمط التفكير أو في نمط الادراك الذي استخدمه وشرحه العالم توماس كوهن في كتابه بنية الثورات العلمية أو مايعرف بتحول " البارادايم" لأننا إذا لم نفعل ذلك وعلى عجل ونحاول برمجة تفكيرنا وقدح زناد العقل مع مايحدث حولنا، قد نصاب بحالة عمى تقني طويلة المدى تفوق كل مدراكتنا وحواسنا، ولن يعد بامكاننا أن نستوعب بعدها الجاري في عالم تقني فني متسارع ومتسامح مع نفسه، ولن ينفعنا أن نتكىء على حكمة أو مقولة أنه في بلد العميان يصبح الأعور ملكا لأن الأعور سيفقد ماتبقى من بصره.