Nov 08, 2025 Last Updated 8:01 AM, Nov 4, 2025

حماية الأطفال من العنف الأسرى

الكاتبة/ انتصار بوراوي الكاتبة/ انتصار بوراوي

 

يستنكر الكثيرون ما تمارسه بعض الدول الغربية من سحب الأطفال المعنفين من أحد والديهم بموجب القانون حيث تقوم الخدمة الاجتماعية في الدول الغربية بسحب، الأطفال من عائلاتهم إذا ما تعرض أحدهم لظروف تعتبرها الخدمة الاجتماعية، غير مناسبة ضمن الإطار العائلي، مثل العنف، أو عدم القدرة على إعطاء الطفل ما يحتاجه، من أساسيات، وإيداعهم في مؤسسات متخصصة برعايتهم وحمايتهم. لكنّنا، في المقابل، نصمت أمام الجرائم المتكرّرة التي يرتكبها بعض الأباء ضد أبنائهم، وجريمةُ قتل الأب لأبنائه السبعة هي أبشع صور هذا العنف وأكثرها قسوة لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف وصل والد الأطفال إلى تلك المرحلة المروّعة من قتل أطفاله؟

والجواب بسيط وهو إن مثل هذه الجرائم لا تحدث فجأة، بل هي نتيجةُ تراكماتٍ طويلة من القسوة والتعنيف والضرب، تتفاقم مع الوقت حتى تنتهي بالمأساة.

في الجريمة الأخيرة، تحدّثت خالة الأطفال على مغادرة والدة الضحايا بيت الزوجية منذ أشهر بسبب عنف الزوج تجاهها وتجاه أبنائه، وأنها رفعت عدة قضايا تطالب فيها بالطلاق وحضانة الأطفال، غير أن المحاكم لم تنصفها، حين ماطل المحضرين بالمحكمة بتسليمها أطفالها الذين حصلت على حق حضانتهم.

إنّ هذه القصة المأساوية تكشف عن ثغراتٍ عميقة في المنظومة المجتمعية التي كثيرًا ما تنتصر للذكور على حساب النساء، دون اعتبار للمخاطر التي قد تترتّب على ذلك، خاصة في قضايا العنف الأسري كما تبرز ضعف فاعلية القانون في حماية الأطفال وإنقاذهم من براثن آباءٍ مرضى نفسيًا، كان يجب أن يُردعوا قبل أن يتحوّلوا إلى قتلة.

لقد تواطأ المجتمع بصمته، وكرّس بعقليته انوعًا من القداسة للأب لمجرّد أنه يُحمل صفة "شيخ دين"، وكأن هذا اللقب يعصمه من الخطأ، أو يمنحه حصانة أخلاقية وقد ظهرت هذه القداسة بوضوح في آلاف التعليقات الفيسبوكية المندهشة والمستغربة من أن "شيخًا" يمكن أن يرتكب جريمة بهذه الوحشية، وكأن رجل الدين ليس بشرًا يمكن أن ينهار نفسيًا أو يُصاب بلوثة عقلية، نتيجة ظروف ضاغطة أو أفكار تخرجه عن إنسانيته في لحظةٍ مظلمة.

لقد آن الأوان، بعد تكرار مثل هذه الجرائم البشعة ضد الأطفال، أن يُشرَّع في ليبيا قانونٌ يُلزم بإنشاء مؤسساتٍ متخصّصة لحماية ورعاية الأطفال، الذين يتعرضون للعنف أو التعذيب على أيدي أحد الوالدين، وإنقاذهم من بيئةٍ أسرية مسمومة لا تستحق كلمة "عائلة" فإنقاذ طفلٍ واحد من العنف، هو إنقاذٌ لوطنٍ كامل من العطب وبات من الضروري أن يضاف إلى قانون رقم (5) لسنة 1997 بشأن  حماية الطفل بند  يُلزم الدولة بإنشاء مؤسسات لحماية الأطفال من العنف الأسري، ولا يكون القانون قاصر حق الرعاية لأطفال الذين لأولى لهم فقط كما هو مذكور بالقانون

فالأطفال لا يملكون صوتًا يدافع عنهم، ولا ملجأ يأويهم سوى ضمير الدولة وعدالة القانون وحماية الطفولة هي مسؤولية وطنية وأخلاقية تحفظ إنسانية المجتمع وتمنع تكرار المأساة.

المزيد في هذه الفئة : الصحة في زمن الاضطرابات »
 

أكثر قراءة

أعلن معنا هنا

 

أعلن معنا في الليبي اليوم

 

  • المقر بنغازي / ليبيا شارع عبد المنعم رياض/ عمارة الإعلام/ الدور الأول الهيأة العامة للصحافة بنغازي
  • +218.92.758.8678
  • +218.91.285.5429

 

read more