قرأت بعض المنشورات الساخرة ،من اليوم العالمي للمرأة ومن فكرة الحديث عن حقوق المرأة وذلك حسب رأيهم، لأن المرأة في ليبيا أخذت حقها وزيادة وليست بحاجة للعمل أو المطالبة بمساواتها بالرجال في تقلد المناصب .
وهذا الرأي ينبئ عن قصور في الفهم والوعي،فماجدوى موهبة التمكن اللغوي والمجازي في الكتابة إذا لم تكن مستندة على فهم ووعى كاتبها وكاتبتها
إذا كان من يعلن مثل هذه الأراء الساخرة رجل ، فقد نفهم ذلك بأنه نوع من التعصب والاستخفاف والاستهزاء الذكوري الشائع بمجتمعنا ،ولكن أن تقوم امرأة بالسخرية من فكرة التضامن مع النساء فهو أمر يضع مئات علامات الاستفهام حولها.
فمن المؤسف أن تنبري أي امرأة للتحدث ،بسخرية وعدائية على من يطالبن بحق المرأة في العمل وفى تحسين ظروف المرأة الفقيرة والمعيلة فثمة نساء يعشن حياة قاسية مع ازواج مدمني كحول ومخدرات ومدمني علاقات جنسية، ويتعرضن للإهانة والضرب وفى أحيان كثيرة للطلاق المجحف ، والعمل هو ضرورة لهن لأنه يغنيهن عن ذل الحاجة والسؤال في هذا الزمن الردىء
عوضا عن السخرية من اليوم العالمي للمرأة ،على الساخرين والساخرات ان يدركوا بأن سبب تحديد هذا اليوم العالمي للمرأة، هو ذكرى احراق 130 عاملة كن يعملن في احدى المصانع الامريكية بعد مطالبتهن، برفع اجورهن واضرابهن عن العمل أي ان فحوى اليوم هو التضامن مع النساء ،اللواتي اخترن العمل لتحقيق استقلالهن المادي فواجهن عنف ذكوري افضى بهن للموت حرقا ،وبسبب هذه الحادثة حصل تضامن عالمي مع النساء العاملات ، وخرجت أُلَّاف النساء منددات بالجريمة ومتضامنات مع أرواح الضحايا ، وتم سن فوانين لرفع أجور النساء ومساواتها بأجور الرجال.
وفى مجتمعنا الليبي الذى يعيش الحرب ،منذ عشر سنوات هناك الاف المطلقات والأرامل اللواتي يعيلن أبناء ويتعرض بعضهن، لكل أنواع التحرش والمساومات على اجسادهن خلال بحثهن عن العمل لتوفير لقمة العيش لأولادهن، وهناك عائلات فقدت بيوتها وتعيش في بيوت للإيجار والمرأة في مثل هذه الحالات تعانى الامرين كي تتوازن في مثل هذه الظروف اكثرمن الرجل
عوضا عن السخرية من اليوم العالمي للمرأة، علينا ان نعتذر عن تقصيرنا كنساء لانعدام تضامننا مع قضايا كثيرة مسكوت عنها في مجتمعنا الليبي ومنها جرائم ضرب وقتل النساء وجرائم الاغتصاب التي يدير المجتمع ظهره لهن ويرميهن الى كلاب الطريق لينهشوهن ويحولوهن الى حطام.
عوضا عن السخرية من اليوم العالمي للمرأة، علينا ان نحترم كفاح النساء اللواتي اخترن ان لا يكن عالة على أحد، وامتلكن حريتهن عن طريق مواصلة تعليمهن وعملهن في مجالات مختلفة، وتحصلن على استقلالهن المادي بفضل اجتهادهن ومثابرتهن ومواصلتهن تعليمهن وعملهن في كافة المجالات وتقلدن أعلى المناصب العلمية في الجامعات والطب والتعليم.
اليوم العالمي للمرأة لم يحدد كي تلتقي فيه، بعض نساء المنظمات المدنية المعنية بالمرأة في ندوات الفنادق الفخمة ،لإدارة ندوات احتفالية كرنفالية لا تحضرها النساء المعنيات بالموضوع ، كما أن معظم هذه المنظمات لا وجود لها على ارض الواقع بجانب النساء المحتاجات للمساعدة والدعم ، بل يعتمد بعضهن على الربح المادي من خلال الدورات التدريبية البسيطة، التي لا تحدث تغيير في واقع النساء من الطبقة الفقيرة دون الاهتمام بتقديم المساندة والدعم الكبير من خلال إدماجهن في مشاريع اقتصادية صغرى تنتشلهن من الحاجة والعوز وتنطلق بهن نحو المشاريع الكبرى
ما نحتاجه في مثل هذا اليوم أيضا هو حملات توعية وخاصة لبناتنا الصغيرات والمراهقات منهن حول انفسهن، وكيفية رؤيتهن لذواتهن فالملاحظ بأنه ثمة لهاث للفتيات نحو العلاقات المفتوحة، مع الرجال دون ادراك مغبة مايقودهن إليه ذلك وكثير من الجرائم التي تحدث للفتيات هي نتيجة تهورهن وعدم وجود حملات توعية لتوعيتهن بمخاطر الاندفاع ،في علاقات مفتوحة مع أى رجل بحثا عن الحب الموهوم او للزواج بأى وسيلة وأسلوب ، مهملات دراستهن وتعليمهن والتفكير في تحقيق مستقبل مبنى على الكفاح الشخصي والعمل ، وتورط الكثير من المراهقات والشابات في علاقات جانحة دون وعيهن بأن الرجال لديهم مشاكلهم أيضا فثمة مدمنين للمخدرات ، والعنيفين ، ومحتقري المرأة المتخفين تحت ألف جلد وقناع فالرجل ليس آلهة على يديه ستحل كل المشاكل كما تتصور فتياتنا الصغيرات.
اليوم العالمي للمرأة هو يوم لتذكير المرأة بقوتها، وبنعمة الحنان والمحبة والعاطفة السخية التي خلقها الله بداخلها وميزها بها عن الذكور، ولكن أيضا عليها ان تجعل هذه المكونات مصدر قوة وليس ضعف واستغلال لها وتدمير لكينونتها فقوتها تكمن في وعيها وتعليمها ودراستها أولا وقبل كل شيء، وبعد ذلك ستحظى بالاحترام والحب والزوج والأولاد لو كتب وقدر لها الله ذلك لتكون أم متعلمة وواعية في بيت متوازن قائم على الأحترام المتبادل للطرفين وهذا ما نأمل ونحلم به للنساء في بلادنا.