د.علي المبروك أبوقرين
أعلنت منظمة الصحة العالمية الطواريء الصحية لتفشي جدري القرود في بعض الدول الأفريقية ، وسبب في وفيات عديدة غير معتادة مع هذا النوع ، وسبق ان أعلنت منظمة الصحة العالمية سبع حالات طوارئ عامة آخرها 2022 عن الجدري ، والذي زادت الأسابيع الماضية معدلات انتشاره في الكونغو وبعض الدول الأفريقية المجاوره ، وجدري القرود سمي بذلك لأنه تم التعرف عليه في الدنمارك من قرود المعمل ، وصار اسمه جدري ( ام بوكس Mpox ) وأول ما أًكتشف كان في الكونغو عام 1970 ومتوطن بها منذ ذلك التاريخ ، ومحدود الانتشار وكان لا يشكل خطورة كما هو الآن وحدثت موجات بسيطة ووفيات لا تكاد تذكر خارج الكونغو منها في أمريكا 2003 والسودان 2009 ، وفي عام 2022 انتشرت سلالة معتدلة clade 2 من جدري القردة ( ام بوكس) في 100 دولة بما فيها أوروبا وآسيا ، ولكن هذه المرة كان التحذير مشدد من علماء مراكز مكافحة الأمراض الأفريقية وعززته رئيسة المنظمه الأفريقية جان كاسيا محذرة من ان التفشي قد يخرج عن السيطرة وأكدت أن المقلق هذه المرة هو زيادة الانتشار في الكونغو وأن أكثر من 70% من المصابين أطفال تحت 18 سنة ، ولهذا جاء اعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطواريء ، وقت تكون سلالة Clade1 أو غيرها .. للعلم أن الجدري أنواع منها القديم المعروف بفتكه بالملايين وتم تلقيح معظم سكان الأرض حينها وكانت آخر حالة عام 1977 وأعلنت منظمة الصحة العالمية الخلو من الجدري الفتاك عام 1980 ، وأوصت بإيقاف التلقيح منذ ذلك الوقت ، وجدري القردة الحالي ينتقل من التديات والقوارض إلى الإنسان باللمس والعض واللدغ والخدوش والاحتكاك ودبح وسلخ وأكل اللحوم المصابة أو الصيد في البراري للحيوانات المصابة ، ومن الإنسان للإنسان تنتقل العدوى باللمس والسوائل من المصاب وقطرات ورذاد التنفس والعطس والسعال والاتصال الجنسي ولمس واستعمال الأشياء الخاصة بالمصاب ، والعدوى تأخد فترة حضانة من يوم إلى 5 أيام وتصل إلى 21 يوم في بعض الحالات ، والأعراض عبارة عن صداع وحمى وضعف عام ووهن عضلي وتورم في الغدد الليمفاوية وطفح جلدي متحوصل مليئة بالصديد في اليدين والوجه والبطن والأرجل ، وتستمر الأعراض من اسبوعين لشهر وقد يزيد عن ذلك في بعض الحالات الشديدة ، وتعتمد في كل الحالات على الحاله الصحية ومناعة المصاب ، والرعاية الصحية المقدمة للمريض ، والذي يجب عليه العزل تماما وأتباع كل الاحتياطات الاحتراززية للمقيمين معه ولمقدمي الخدمات الأساسية والصحية له إلى التعافي التام . والمطلوب في هذه الحالات أن تتخد الإجراءات الاستباقية التامة من الجهات الرسمية المعنية ، ورفع درجات الطواريء والاستعداد ، ونشر التوعية المجتمعية والتعريف بهذا الوباء وكيفيه انتشاره والوقاية منه والتعامل معه ، وماهي الاحتياطات الاحتراززية الواجب الالتزام بها ومتابعتها على المستوى الفردي والاجتماعي والرسمي ، والاهتمام بالنظافة الخاصة والعامة والبيئة في المدن والقرى، ومنع صيد البراري وتربية الحيوانات البرية، والاهتمام بصحة جميع الناس وتحسينها وتعزيزها ، ورفع المناعة بالاهتمام بالأكل الصحي المتوازن وممارسة الرياضة والرعاية الصحية التامة للأطفال وحديثي الولادة والحوامل وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة ، وعلى الجهات الصحية المسؤولة رفع درجات الاستعداد والتوسع في التقصي والترصد والانذار المبكر ، ومتابعة المنافذ والهجرة ، وتوفير اللقاحات والأدوية السليمة والأصلية، ورفع كفاءات العاملين الصحيين ، وتوفير الإمكانيات المعملية الحديثة والمتطورة في كل المرافق الصحية الثابتة والمنقولة بجميع المدن والقرى للتشخيص المبكر والدقيق والسريع ، وتوفير معدات الحمايه للعاملين الصحيين والأسر والمرافقين للمصابين ، وضرورة انشاء غرف الطواريء والخطوط الساخنة ، وجمع البيانات والمعلومات الصحية، والتواصل المستمر والدائم مع مراكز مكافحة العدوى والأمراض بالدول الأفريقية والعربية وباقي دول العالم ، ومكاتب منظمة الصحة العالمية ، وجمع البيانات والمعلومات الصحية على مدار الساعة من البلدان التي ينتشر فيها جدري القرود ( Mpox ) حتى وان كانت حالات بسيطة ، مع ضرورة مكافحة الشائعات والمعلومات الخاطئة والمضللة ، والتعامل بالشفافية والمصداقية مع الناس والرائ العام ، ولا يجب تكرار ما حدث مع جائحة الكورونا والتعامل مع التهديدات الصحية بردود الأفعال لخطورة هذا النهج على الانظمة الصحية القوية والمتماسكة والفعالة وانعكاساتها السلبيه على الناس ، فما بال غيرها من الأنظمة الصحية الهشة والضعيفة والمشتتة ، مع الأمية الصحية المجتمعية. في مثل هذه الظروف وغيرها ضرورة أن تكون النظم الصحية قادرة على الاستجابة ، وتملك المرونة والاستعداد للتعامل مع كل التحديات والتهديدات الصحية .. بالارادة والحكمة والادارة تجتاز الشعوب والدول المحن الصحية .. حفظ الله بلادنا وكل العالم والبشرية أجمع.