يشير الأمن في البداية إلى الحماية من القوي المعادية، أي أنه عموما هو تحقيق حالة من انعدام الخوف في المجتمع، واحلال الشعور بالأمان ببعديه النفسي والجسدي، وشكل الأمن محورا اساسيا في حياة الإنسان وتفكيره، اذ يعتبر الأمن الأولوية في حياته، فالحاجة إلى الأمن بكافة صوره وأشكاله من أهم الحاجات الفطرية للإنسان.
ومن أهم أشكال وأبعاد هذا الأمن هو الأمن الفكري، القائم على الثقافة الفكرية للمجتمع والشباب على حد سواء، فالأمن الفكري هنا يقوم على حماية الفكر، والمعتقدات وأيضا يحافظ على العادات والقيم، ومن مهامه تحصين الوطن والمواطن من الأطروحات الثقافية للعولمة وصراع الحضارات، الذي أصبح خطر يهدد الشاب بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الذي كان بداية استخدامها للتواصل بين الأصدقاء والأقارب، ونشر الصور والذكريات وتقريب المسافات ونشر المعلومات ،وإضافة إلى الجانب الايجابي ،كان هناك جانب سلبي وسوء استخدام لهذه الوسائل ،وأصبحت توثر على الأمن بصفة عامة، وتهدد الاستقرار والسلام الاجتماعي بصفة خاصة، فوقع بعض شبابنا في فخ هذا التطور التكنولوجي، وتعرضوا لتشتيت واضح في الأفكار والمعتقدات المتطرفة، والحرب العقائدية ، التي أدت لحدوث أزمة علي المستويين الفكري والثقافي، وضربت جذور المجتمع وغيرت الكثير من سلوك الشاب الليبي .
وفي ظل العولمة التي نعيشها اليوم من ثورة تقنية في مجال المعلومات والتواصل، أصبح من السهل التأثير على معظم القيم السائدة في المجتمع وزعزعتها، حيث تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي مناسبة للتأثير على الآخرين وتستطيع اقناعهم والتأثير عليهم من عدة طرق منها التكرار، حيث أن تكرار المعلومة سيجعل الفرد يتذكرها، ويعتبرها حقيقة بغض النظر عن صدقها، من عدمها، ومما لا شك فيه أن تحقيق الأمن الفكري للفرد هو صمام الأمن للمجتمع ككل من الاتجاهات الفكرية المنحرفة.
إن كل التحديات الأمنية الثقافية والتهديدات السابقة تجعل من واجب الحكومة والمكلفين بإنفاذ القانون استخدام البيانات وتكنولوجيات وسائل التواصل الاجتماعي لفهم ومواجهة هذا الغزو الثقافي الفكري، فان وسائل التواصل الاجتماعي لا تعد شيئا جيدا أو سيئا وليست كارثة، بل هي وسيلة للاتصال ببعضنا البعض، وتعكس التغيرات التي يمر بيها المجتمع، وأداة يمكن أن تجعل المجتمع مكان أكثر أمنا إذا استخدمت بشكل صحيح.
