حنان علي كابو
"100 عام من العطاء أثرت الحياة الفنية الليبية "بهذا العنوان شهدت بنغازي خلال الأيام الماضية أحتفاء خاصا بالراحل التشكيلي عوض أعبيده ،وذلك باقامة معرضا تشكيليا يحوي على صوره ولوحاته وبحضور متنوع من التشكليين ومتذوقي الحركة الفنية .
تقول الأستاذة هناء نبوس فنانة تشكيلية وأحدي المؤسسين للنادي عوض اعبيده /
أرتأينا أحياء ذكرى ميلاده الذي يصادف 23/10 باقامة معارض تشكيلية ،وهذا العام يصادف 100 عام على ميلاده ،بعرض لوحات أصلية للراحل التي وصلت إلى 25 لوحة ،5 منها أصلية ،و20 نسخ ، وعلى هامش المعرض أقيمت حلقة نقاش تناولت سيرته الفنية وشهادات حية ،بالإضافة لبعض صور قام الراحل بالتقاطها حيث مارس الفن الفوتوغرافي ،بالإضافة إلى بعض الشهادات والقراءات التي كتبت عبر مراحل حياته .
وأختتمت حديثها /
- نحاول من خلال هذه المعارض رفع سقف الذائقة الفنية لدى الجمهور المتذوق
بمنتجع الأصايل أقيم هذا المعرض ،يلفت أنتباهك جدرانه الحمراء المعلقة عليها لوحات الراحل ،تقترب قليلا ،تأسرك التفاصيل ،ومن يجيد لفت الأنتباه ودقة التفاصيل كعوض أعبيده ،تعود ذاكرتك للوراء كثيرا ،للماضي الذي أصبح ذكرى تدق بناقوس من حنين ،تزحف نحوك الوجوه ،الجلسات الغامرة بكل دفء وود ،الملامح المتسمرة أمامك تنظر إليها ،وهي بدورها تتفحص فيك جيدا .استهوته الوجوه والذاكرة الشعبية ...!
نظرته الثاقبة لاترى الا الجمال باختلاف مذاهبه ومدارسه ،وتقول الحكاية إن في سوق الحشيش برع طفل في عمر الثامنة بالرسم بالفحم والطباشير الملونة والرصاص على جدران بيوت الجيران ما تلتقطه عينه من احساس .
أصبح لاسم (عوض عبيدة) بين أقرانه وتلامذة مدرسته، مكانة خاصة أعطته قدرًا من التفرد والاحترام والتقدير، وبشكل خاص عند مدرس الرسم الإيطالي (فليري) بمدرسة الصنائع ببنغازي، الذي ساعده ووجهه لما لمسه فيه من ميول فنية.. وقدّر فيه موهبته بل صارحه في إحدى المرات بأنه تفوق عليه موهبةً وعطاءً وإبداعا
نقرأ في سيرته الفنية كما جاءت في الويكيبديا
"عوض عبيدة أو عوض اعبيدة (1923-2013) فنان تشكيلي ليبي اشتهر برسم اللوحات المعبرة عن الحياة التراثية البسيطة في ليبيا.
تحصل على الشهادة الثانوية عام 1938، ثم سافر إلى إيطاليا لدراسة الرسم.
أقام أول معرض له في بنغازي عام 1946، وهو أيضاً أول معرض تشكيلي يقام في ليبيا. وقد شاهد هذا المعرض كثير من الناس في ذلك الوقت،في الخمسينات سافر إلى ايطاليا لدراسة الفن دراسة أكاديمية، وانتسب إلى أحد المعاهد المتخصصة، حيث درس الرسم الهندسي، والمنظور، والتشريح، والتلوين تحت إشراف البروفيسور (فابيfabbi). وحتى يتمكن من دفع مصاريف الدراسة والعيش هناك بدأ في تسويق أعماله الفنية لدى الصالات المتخصصة في بيع أعمال الفنانين في كل من (فنيسيا) و(ميلانو).
وبعد إتقانه القواعد الأساسية في الرسم.. وزيارته للمتاحف والمعارض ومراسم الفنانين في ايطاليا.. تخصص برسم الوجوه (البورتريه)، وكانت الواقعية الاتجاه الغالب على أعماله.
بعد تخرجه في الجامعة قام برحلات كثيرة عبر العالم زار خلالها أغلب المتاحف العالمية.. ورأى خلال زياراته مدى اهتمام الأجانب بتراثهم وتاريخهم...
في هذه الفترة اتخذ مرسماً له في لندن وبدأ يرسم كل ما يتعلق بالعادات والتقاليد الشعبية الليبية القديمة.. ورأى من واجبه أن يحييها للأجيال القادمة فرسم وسجل بصدق وأمانة دون زيف أو تكلف على مسطحات لوحاته من الذاكرة كيف كان التراث الليبي القديم.
افتتح الفنان “عوض عبيدة ” معرضه الدائم في مجمع نادي الفروسية بمدينة بنغازي، هذاالمعرض لا يعتبر معرضاً عادياً يقدم من خلاله الفنان تجربته الفنية، بل هو أقرب للمتحف منه للمعرض، حيث تعكس لوحاته الموجودة فيه والمرسومة بتقنيات متعددة: قلم رصاص حبر صيني، فحم، اكر يلك، جواش، زيت.. بانوراما الحياة في مدينة بنغازي في فترات مبكرة من القرن الماضي، ويقدم من خلال تلك البانوراما العادات والتقاليد وكل ما يتعلق بالمظاهر الاجتماعية المختلفة.. مثل المناسبات الدينية، والحرف والمهن التقليدية والصناعات الصغيرة المحلية، والأطفال في ألعابهم، ورصد الكثير من وجوه المدينة المميزة، في”بورتريهات”.. بالإضافة إلى ذلك يحتوي المعرض على لوحات تمثل الريف وبدو ليبيا ومضاربهم.. ومعارك الأجداد والآباء ضد المحتل الأجنبي.. هذا المعرض الذي يمثل تاريخ ليبيا في القرن الماضي.. هو كل ما يملكه الفنان عوض عبيدة وهو رصيده في الحياة، بل وكل ثروته.
مواضيع لوحات الفنان عبيدة المستمدة من الواقع الليبي وعاداته وتقاليده عالجها بواقعية تنحوا نحو التعبيرية في الشكل والتأثيرية في اللون.. كما قام الفنان عبيدة بعرض أعماله في أغلب العواصم الأوربية وبعد عودته إلى ليبيا أقام العديد من المعارض في طرابلس، شحات ودرنة.. وكان له معرض سنوي في شهر رمضان المبارك في مدينة بنغازي، وحصل على العديد من الأوسمة وشهادات التقدير من مختلف الهيئات والمؤسسات.. منها: وسام الفاتح العظيم من الدرجة الأولى بمناسبة العيد الثاني والعشرين لثورة الفاتح.. وشهادة تقدير بمناسبة عيد المعلم الثاني، وشهادة تقدير من اللجنة المشرفة على مهرجان المدينة الثقافي ببنغازي عام 1993.
كما أقام معارض كثيرة خارج الجماهيرية منها معرض في دمشق عام 1956 ،وإيطاليا ،وفرنسا ومعرض في المغرب عام 1994 برعاية الملك الحسن الثاني، وكان تحت شعار “التواصل والتطابق في التراثين المغربي والليبي”. وقد قلده الملك الحسن الثاني وسام الفن. ومعرض في أبو ظبي عام 2000.
رحل رائد الفن الواقعي الليبي عوض عبيدة لتبقى لوحاته شاهدة على جمال الموروث الشعبي والثقافي والاجتماعي في ليبيا، من خلال الأزقة والشوارع ووجوه البسطاء من الناس التي جسدها بريشته ومنح عبرها اللوحة التشكيلية الليبية خصوصيتها لتكون نافذة مشرعة على التاريخ والذاكرة الشعبية."