طباعة هذه الصفحة

يوجعني أنين بلادي

المستشار/  عبدالرحيم الجنجان المستشار/ عبدالرحيم الجنجان

فقدت الحياة في بلادنا، كل مقوماتها ولذيذ عيشها وقيمة الإنسان فيها حين ضاع الشرف وفسدت المبادئ وماتت الفضيلة.
أصبح القتل شجاعة.
الرشوة وظيفة.
الكذب مهنة.
الحرابة طريقة للحياة.
العمالة شطارة.
السرقة رجولة.
الخيانة للوطن واقع.
النذالة تصرفات طبيعية.
الكذب لغة السياسة الرسمية.
الدجل والفتوي الضالة والضارة هي الطريق الأمثل لأصحاب العمائم واللحى.

طويت صحف الغيرة. انتهى دور الوطن والوطنية. فكيف لك أن تكون وطنياً في بلد يحكمه القتلة والمجرمون واللصوص والمستبدون وقطاع الطرق. والطغاة الذين لا يصنعون موطنين شرفاء ولا اشخاصا وطنيين. بل يخرجون منافقين وكذابين ومرائين. وبما أن النظام عندنا اعتاد على فرض سياسة الأمر الواقع والبلطجة، أصبح ظاهر لسان الناس يقول عكس ما يضمر توخياً للسلامة. النفاق ديدن الكثير طمست الوطنية الحق. وأصبح الكذب واللف والدوران ولي عنق الحقيقة والتظاهر بالوطنية شعار كل المراحل. فالكثير من المستفيدين وخاصة لاعقي أحذية القافزين على السلطة ملتزمين جدا بممارسة النفاق امام غالبية الناس الذين سبق لهم أن حطموا جدار الصمت ودفعوا ثـمناً غالياً.

والآن السنا نعيش أكثر مراحل تاريخنا بؤسا وتخلفا وظلاما وقهرا بسبب تكالب الخارج علينا وعقوق أبناء الداخل؟
أليست السنوات الماضية هي أعوام اللصوص والدجالين وبائعي الكلام وتجار الاحلام؟
أليست السنوات الماضية هي سنوات عهر العملاء وعملهم دون حياء؟
أليست اليوم تحكمنا المليشيات المنظمة وغير المنظمة بما تزخر في كتائبها من القتلة المسلحين الأجانب والمؤدلجين والأميين والجهلة والبسطاء والدجالين وعباد المال والسفاحين؟
لمن ننادي ونصرخ؟!
هل لجماعة من المفسدين تركوا الشرف في حمامات ومواخير أوروبا، وباعوه ببعض الدولارات ليجعلوا دمائنا رخيصة حد مياه المجارير؟

من نخاطب وقد سرقونا وهجروا مدن من مواطنيها واغتصبوا أراضيها واعتقلوا الفاعلين وفعلوا كلما أرادوا بل وأكثر؟

نعم لقد نجح الفاسدون باستفادتهم من المسلحين والمرتزقة في قطع لساننا وتمزيق شراييننا وتحويل المدن إلى مزرعة خاصة بهم ولمخالب كلابهم ونصبوهم أسيادا. جوعوا الشعب وجعلوا من فقراء وطني عبيدا للمنح والهبات والعطايا.

بعتم الوطن أيها الفاسدين بثمن بخس، وبكل وقاحة تتحدثون عن الوطنية والمواطن وعطايا شهر رمضان وكأنكم أهل الدار من بعد خرابها.

ملأتم الوطن بقاذوراتكم واضحكتم العالم بهرائكم.

استغليتم الناس الذين باتوا أسرى هزائمهم في حروبهم اليومية المضادة لهموم الحياة اليومية ومطالب الأطفال واحتياجات الرضع.

يسير المواطن بلا وجهة محدودب الظهر من أحماله الثقيلة التي ألقي بها قطار زمن الصدفة على ظهره لتكونوا على راس السلطة.
حكومات متعاقبة ومجالس ونواب بحجة القدرة على إدارة الأزمات التي كان لها اليد الطولي في وجودكم فلم تجدوا بدّآ لستر عجزكم الا مزيدا من السرقة وتقديم الفتات من منح وهبات وصكوك للزواج.

بسببكم رفعت اسعار السلع لتجلدنا أكثر مما تطعمنا.

أفقدتم قدرة المواطن الطموح على ألا يذهب بأحلامه أبعد من السلع الغذائية وحليب المواليد الرضع والدواء.
الابطال والشرفاء بين من انكسر بسبب التجاهل والتهميش ومن انتهي دوره حين وصل الاخرين لمراكز النفوذ وبين من هو يأس وبين مفقود ومبتور وجريح او عاجز ومن سقط منهم في الدفاع عن الوطن احتضنته القبور.

اللصوص آمنين في القصور، وأصبحوا أغنياء وفوق ذل الفقراء يغتنون. يرقصون طربا في حفلات المجون.

مسؤولين على ضياع الوطن يتهللون فرحا ويصفقون. حتى أن لدينا نواباً لا يتغيرون. ووزراءَ في طور الاعداد يتنافسون، وبعد الاستقالة مزيدا من الصفقات يبتلعون، وشيوخ باسم الدين يكفرون ويقتلون.

أغبياء بالجملة يؤيدون ويتظاهرون وفى الاحتفالات كقطعان الأغنام لحتف بقايا كرامتهم يسيرون ولنشر الرذيلة والعهر يهرولون.

هرج ومرج ووهماً صدّقوه وأسموه حرية، شعارات كارثية وهتافات بألوان قاتمة تشيد بهزائم متجددة للوطن.

مدارس لا تدرّس. جامعات لا تجمع. صناعات محليا لا تصَنع. مزارع لا تزرع. ثروات لا تستغل. ميزانيات تهدر. أسلحةً وأموال منهوبة وأبناءَ وطن واحد يقتلوا بعضُهم بعضاً.

لا عزاء لوطن ذبح من الوريد إلى الوريد.
جفت ينابيع التراحم من حقدهم وامتصوا دماء النخوة من العروق، أكلوا لحمك وشحمك يا وطني.
كم يقتلني كذبهم ويزلزلني دجلهم أولئك الذين البطن عندهم قبل الوطن جيوبهم مع الوطن وسلاحهم ينحر المواطن، يحرقون الوطن ويقبضون الثمن.
كيف لنا أن نعبر عن محنتنا، وأملنا في الغد المتمثل في شبابنا الممتلئين حياة وغيرة ونشاط وقد تركناهم جثثا حية ولم ندخر ولا نقدم لمستقبلهم شيء. حتى ان الوطن يبكينا ولا نبكيه، ينتمي إلينا لا ننتمي إليه. يشهد علينا ولم نستشهد عليه. يسعدنا أن يضمّنا بعد الموت لا أن نضمّه ميتاً بعد فوات الأوان حين شرعوا في تعذيبه تمهيدا لاغتياله بأيادي الآثـمين ممن يحملون أرقاما وطنية وجوازات سفر حمراء وأخرين جنسيتهم غربية.

أين أنت يا ليبيا أين رجالك وأين أبطالك المخلصين، اين مثقفيك والنخب وأصحاب الريادة في الاعمال الوطنية اين رجالك ومحبيك اين الغيورين والشجعان والفرسان الذين لا يرتضون تدنيس ترابك. بل أين الرجال الذين كنا نعدهم من الرجال؟
هل أصبح الجميع متحالفون عليك لأننا لم نلتزم بحبك وغرقنا في صمتنا وتركناك في مستنقع الفاسدين. إذن بصمتنا كلنا فاسدون. كلنا سماسرة نبحث عن مصالحنا وان نكون امنين من البطش وتناسينا ان الموت مرة خير من ألف مرة.
اختلطت كل الامور، فلا أحد يشرح لنا على وجه التحديد تعريفا لهذا الواقع، أهو غياب الثقافة أم سنوات من الترسبات الخبيثة والكبت ام الجهل السياسي والخنوع أم غضب مكتوم، أم لعنة السماء. أم البطالة، أم مخرجات التعليم أم آية تنبئنا عن حقيقة صبر النبي أيوب، أم القسوة في حقيقتنا والظلم